​إن طموح الدول لا يزال مستمرا في ظل الرهانات الحالية في رحلة عبر أثير التغيرات الحاصلة في العالم برمته، وعلى أثر ظاهرة التغير المناخي وانتشار بعض الأوبئة التي كان لها التأثير المباشر على المنظومات الصحية، كان لزاما على العقل البشري أن يفكر في طرق ناجحة تخلصه من بعض ما يؤرقه في ضمان السير الحسن للمؤسسات بالطاقات البشرية التي لها قدرات ومؤهلات تسمح لها أن تنافس الدول المتقدمة التي تطورت في مجالات عدة بسبب انتهاز الفرص الجيدة من نتائج البحث العلمي وكذا المحاولات التجريبية سواء على الحيوان أو النبات وحتى على الإنسان فيما يخص بعض العمليات الجراحية التي تحقق النجاح فيها وأخفق البعض الآخر ولأسباب.

​طبعا سيرورة البحث العلمي ضمن المنطلق الجديد للتقدم ظهر بموضوع جديد أو لنقل بنقلة نوعية من التطور التكنولوجي ألا وهو الذكاء الاصطناعي، والذي يهدف في مضمونه كمشروع عصري إلى تعزيز القدرات البشرية من أجل تطوير كفاءات المبدعين والمتميزين في خضم مشروع الروبوت الآلي.

​ولعل التأثيرات الجانبية لجائحة كوفيد-19 كان لها فعلها المباشر على التسيير الصحي للمستشفيات التي لم تكن ظاهرة تتطلب الدراسة الاستشرافية والاستدراكية فقط بل استحالة فتح قنوات بديلة للعجز في الموارد البشرية وكذا المعلومة العلمية، في الوقت الذي لم يكن التأثير على الخطة العربية للمؤسسات والبنى التحتية وحدها فقط، بل كانت ضمن اهتمام الدول الكبرى والتي حظيت بتقدم ملموس في منظوماتها الصحية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ونماذج من الدول العربية مثل السعودية والأردن، وهو ما دفع بالدول السائرة في طريق النمو لأن تبحث لها عن بدائل لتطوير التسيير الصحي من أجل ضمان جودة عالية في الخدمة الإدراية وكذا تسيير صحي بأقل مستوى في النزاعات الإدارية التي يكون مصدرها تباين في حظوظ التوظيف أو سوء سن القوانين بما تتضمنه من ثغرات وجب تدارك هذه النقيصة تماشيا مع سرعة وبديهية الذكاء الاصطناعي ممثلا في كيانات تدير شؤون التسيير والتشخيص بدقة.

​لكن على الرغم من أهمية هذا الموضوع (الذكاء الاصطناعي)، إلا أن خبراء ومختصين طرحوا إشكاليات وفرضيات قد تضع مكتشف الذكاء الاصطناعي أمام مساءلة تقنية وقانونية وأخلاقية إذ كانت هناك نقائص هي بمثابة الاستراتيجية الباحثة للعقل البشري عن البدائل مرة أخرى، ومنها التي تكلم عنها «جيفري هينتون» محذرا أن تتجاوز الآلة صانعها في مقابلة له مع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية على موقع الجزيرة، موضحا أن تأثير الذكاء الاصطناعي يكون واضحا في تقليل فرص الوظائف في كل المجالات.

ما يعني أن هذه التكنولوجيا ستعطل سوق العمل بشكل كبير، بما في ذلك حرمان التوظيف حتى على من هم أكثر ذكاء، وبالتالي ستستغني المستشفيات في إداراتها الصحية عن نسبة معتبرة من الموظفين.

وبالنظير لمسألة أنسنة المستشفيات يبدو واضحا أن النقص والخلل سيكونان في طريقة التعامل مع المرضى ومرافقيهم على مستوى المصالح الإدارية، لكن هذا لن يمنع أن اختزال عامل الوقت والمماطلة في خدمة المواطن وحتى الزبائن سيمنح ثقة أكثر للخدمة الإدارية فيما يخص التسيير الصحي وبالتالي تصبح المستشفيات قد أدمجت مسؤوليها ضمن مسار سريع وفعال في توفير الخدمة.

وحين تتعود المستشفيات على توفير الخدمة الجيدة من ناحية التسيير الإداري ستلجأ الحكومات حتما إلى الخطو خطوات إضافية نحو العالمية بعد أن تكون قد ضمنت بنى تحتية متينة وناجعة، وأيا كانت المخاطر والنقائص التي سيطرحها الذكاء الاصطناعي إلا أن القانون الصحي سيقوم بتقنينات ضرورية تضمن سلاسة في تفعيل المواد القانونية التي تنظم التسيير الصحي وتحقق كفاءة معتبرة لمن يوظف هذا القانون لضبط التوازنات فيما بين حقوق مستخدمي الصحة وواجباتهم، دون الإخلال بمبدأ المصلحة العامة للمريض.

ولا يزال موضوع الذكاء الاصطناعي في بداياته بعد أن اقتحم مجال التعليم بنسبة كبيرة في انتظار التفكير لإقحامه في مجال التسيير الصحي بعد أن تم توظيفه في مجال التشخيص السريع للأمراض وتوفير خطط بديلة للعلاج سواء عن قرب أو عن بعد.