يبقى البيت «الحفظي» الأشهر صيتًا والأكثر أثرًا كونه تأسس على العلم الشرعي، ونَضَدَهُ رُمُوزه بالفكر والأدب والشعر، وأفرد له التاريخ صفحات حافلة من الإنجازات على دروب المعرفة والجلال الإنساني.

ومن أرومة ذلك البيت، الفرع المورق «علي بن الحسن الحفظي»، قامة اجتماعية أدبية تربوية، له هيبة الحضور، وصمت الحكمة، وتواضع الكبار، تجله مجالس العلم، وتهش له منتديات الشعر والأدب، وتأنس له مجالس السمر، ترتجف منه الأضواء، وتتقزم أمامه الخُيلاء.

شاعر رقيق الكلمات، فخم المعاني، أديب أريب رشيق الأسلوب، إداري طموح قاده نجاحه وثقة المسؤولين ذات يوم، إلى ترشيحه مديرًا عامًا للتعليم في إحدى مناطق المملكة، لكنه اعتذر لظروفه الخاصة.

نشأ وترعرع في كنف والده العلامة الفقيه الشاعر الأديب التربوي الشيخ الحسن الحفظي رحمه الله.

واستفاد من مكتبته الزاخرة بالمخطوطات، والوثائق، والدراسات، والتراجم، والمذكرات، والبحوث، وما دونه من خواطر وتأملات.

علي بن الحسن الحفظي أول شاعر في مناطق الجنوب صدح بكلماته صوت الأرض «طلال مداح» رحمه الله قبل أكثر من أربعين عامًا، في نشيد وطني رائع حلق به على مشارف الوطن «من هُنا من بلدي... طاب أمسي وغدي»

وهو ضمن ملحمة شعرية «أوبريت» بعنوان النصر المؤزر، وقام التلفزيون آنذاك بتصوير النشيد وتسجيله.

كما أنه أضاف منذ سنوات للمكتبة السعودية إصدارًا له قيمته الأدبية والتاريخية حين حقق كتابًا لوالده بعنوان «مجموع في تاريخ عسير» بمشاركة المؤرخ علي عوض آل قطب.

وتحفظ له الساحة الأدبية تألقه ونجوميته في الندوات والمحاضرات والأمسيات، إضافة إلى عضويته في لجان ثقافية وسياحية واجتماعية في منطقة عسير، وخارجها.

بينه وبين «بلدة رُجال» قصة عشق متبادلة، فصولها مراتع الصَبا، وحنين التراث، وعطر اللحظات، وإيقاع الأيام، وملامح الأعوام.

كان شاهد عيان على أسلوب حياة مبهج مارسته البلدة وأهلها، حين تتسلل مساقط أضواء المساء على أسطح مبانيها التراثية الجميلة تداعبها أطياف من مسامرات الأدب والشعر وحكايات الأولين.

في مكتبته المنزلية تقاسمت رفوفها أصنافًا شتى من الكتب والمخطوطات الفكرية والعلمية والأدبية النادرة والدواوين الشعرية، ولم يبخل يومًا على طلاب العلم والباحثين الاستفادة منها.. وهذا قمة العطاء والنبل.

يقول الجاحظ «لا يكون المرء نبيلًا حتى يكون نبيل الرأي، نبيل اللفظ، نبيل العقل، نبيل الخُلق».

ولست أبالغ إن قلت إنها من صفات الأديب الشاعر والمؤرخ علي بن الحسن الحفظي.

أسأل الله أن يشفيه شفاءً لا يغادر سقمًا.