جائحة كورونا
كان 2020 و2021 استثنائيين، حيث مّر العالم فيهما بجائحة كورونا التي لم تكن حدثًا عاديًا على الإطلاق، بل مرحلة استثنائية لم يشهد العالم مثلها في العصر الحديث. وعلى الرغم مما وصلت إليه البيئة العلمية والطبية من تطور وتقدّم، فإنها كانت عاجزة عن اتخاذ المواقف الصحيحة لمواجهة فيروس «كوفيد 19»، مما انعكس سلبيا على كل البلدان والشعوب، ولا تزال آثارها باقية حتى اليوم على مختلف المستويات وفي جميع القطاعات.
وقد ظهرت عدد من الدراسات والبحوث التي حاولت مُلامسة تأثيرات هذه المرحلة من جوانب مختلفة، بينما اشتغل كثير من الباحثين على تقديم دراسات بحثية في مجالات وتخصصات مختلفة.
في حين ركزت الدراسة، التي قدمها كريري، على واقع الصحافة السياحية المتخصصة خلال مرحلة جائحة كورونا.
السياحة في صحيفة «الوطن»
ركزت الدراسة البحثية الأكاديمية، التي اشتملت على النتائج التي توصل إليها الباحث كريري من خلال بحثه التحليلي، على إطار الفنون والمصادر الصحفية، والموضوعات والقضايا السياحية، والموقع الجغرافي، ومدى نشر صحيفتي «الاقتصادية» و«الوطن» الصور والرسوم والجداول البيانية، لتدعيم الموضوعات السياحية.
وقد أشرف على البحث الدكتور سالم بن علي عريجة، الذي كان له دور كبير في التوجيه والإرشاد البحثي خلال جميع المراحل التي مّر بها البحث، من الفكرة حتى التطبيق.
السياحة ورؤية 2030
أكد الباحث كريري أن ما دعاه إلى اختيار «الوطن» للدراسة كونها صحيفة محلية تصدر من منطقة عسير السياحية، واهتمامها بنشر المضمون السياحي بشكل شبه منتظم، واعتيادها نشر ملاحق صحفية، لتغطية الشؤون السياحية في مختلف مناطق ومدن المملكة.
وأوضح الباحث: «الدراسة تكشف مضامين معالجة صحيفتي الدراسة مختلف الشؤون السياحية، ومدى مواكبة صفحاتهما وملاحقهما المتخصصة نشر التغطيات السياحية خلال السنوات الأخيرة كجزء من اهتمامات الصحافة السعودية النابع من التّطوّر والتحديث الذي وصل إليه القطاع السياحي في السعودية بشتى مجالاته وأنواعه في ضوء رؤية 2030 التي رسمت لهذا القطاع آفاقًا واسعة، انطلاقًا مما تحظى به مناطق المملكة المختلفة من تنوع طبيعي ومقوّمات ومعالم سياحية وبيئة جاذبة».
وبيّن كريري: «الاستثمار في الجانب السياحي غدا صناعة عالمية، مما حدا بوسائل الإعلام المختلفة، ومنها الصحف، لتكون إحدى روافد المجال السياحي عبر طرحها أهم الموضوعات والقضايا السياحية، بما يتناسب واتجاهات المتلقين».
وأشار إلى أن «الدراسة تسعى إلى إبراز دور الصحف في مجال نشر وتغطية الموضوعات السياحية»، آملًا أن تُسهم نتائجها في لفت الانتباه لطريقة معالجة الصحف السعودية الشأن السياحي مستقبلًا.
مستقبل الصحافة السياحية
لفت كريري إلى أن الدراسة جاءت لتعويض نقص وغياب الدراسات البحثية التي تهتم بتحليل مضمون المحتوى السياحي في الصحف، وتُشكّل إضافة جديدة للمكتبة الإعلامية في هذا المجال، وتلفت نظر الباحثين للاهتمام بهذا النوع من الإعلام المتخصص، ودوره في التسويق السياحي، مؤكدًا أن «الدراسة تستمد أهميتها من خلال تحليل مضمون صحيفتي الدراسة، واهتمامهما بنشر مختلف الشؤون والقضايا السياحية، لتوفير دراسة بحثية وإحصائية تُفيد المراكز البحثية والعلمية والمهتمين بتطوير القطاع السياحي والمؤسسات السياحية وصُناع القرار. كما تُقدم صورة واضحة عن طبيعة وحجم التغطيات الإعلامية».
وبيّن الباحث: «الدراسة تسعى من خلال جانبها التحليلي المطبّق على صحيفتي «الوطن» و«الاقتصادية» إلى توفير جزء من المعلومات الإحصائية للقائمين على الصحيفتين، واتجاهات الفنون الصحفية التي اهتمتا بها، وبناء التنبؤات المستقبلية للصحف في مجال النشر السياحي».
دور الصحافة الورقية
ذكر الباحث في دراسته أن الصحافة المطبوعة، وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها، لا تزال تنهض بدورها في المجتمعات، ويبرز ذلك من خلال بقائها مصدرا موثوقا للمصادر المعلوماتية والإخبارية.
وأشار إلى أن طابع البحث في مقاربته، ومقارنته التحليلية لمدى معالجة الشؤون السياحية في صحيفتي «الوطن» و«الاقتصادية»، هدّف إلى التقييم لا النقد، ومحاولة كشف الصعوبات التي تواجههما أو تحول دون قيامهما بدورهما المطلوب، والبحث عن وسائل لحل هذه الصعوبات.
الصحافة المتخصصة سياحيًا
أوضح الباحث أن الاهتمام بالصحافة المتخصصة السياحية يمكن أن يدعم تقديم المحتوى الإعلامي المتطور عبر الاستفادة من آليات تحديثات النشر الإعلامي في دعم هذا القطاع، للوصول إلى القارئ عبر مضمون صحفي مُتخصّص وجاذب من خلال الموضوعات والمناطق السياحية التي تغطيها.
وقال الباحث: «تبنى توجهات الصحف المجال السياحي يمكن أن يتحقق من خلال تأهيل صحفيين متخصصين في الكتابة للشؤون السياحية، ليكونوا قادرين على خوض مجالات وفنون الصحافة السياحية، مع إيفادهم إلى المناطق السياحية، وتمكينهم من عيش التجربة السياحية، للخروج بمحتوى صحفي يُلامس الواقع. كما أنه على الصحيفة تدعيم موضوعاتها السياحية بالصور الواقعية والإنفوجرافيك، فدونهما تغدو الموضوعات مملة، وأن تمنح الصحيفة المساحة الكافية للموضوعات المتخصصة في السياحة، إلى جانب النشر الدوري والمستمر للموضوعات الأخرى التي تقدم معلومات جديدة ومحدّثة، والاهتمام بتعليقات وآراء القراء، فمن خلالها يمكن توجيه المحتوى المنشور لجوانب قد تغيب عن الصحيفة والصحفي».
نتائج صحيفة «الوطن»
أفاد كريري بأن نتائج الدراسة أظهرت اهتمام صحيفة «الوطن» بالتقرير الصحفي كأعلى الفنون الصحفية نشرًا، بنسبة بلغت 58.2%، والتي يعدها الباحث نتيجة متوقعة، نظرًا لطبيعة الصحافة السياحية التي من شأنها الاهتمام بتقديم التقارير الجاذبة سياحيًا، وتستطيع من خلالها مناقشة مُجمل الموضوعات والقضايا السياحية. وقد جاء الخبر الصحفي ثانيًا (29.7%). وتُعدّ هذه النسبة، بحسب الباحث، قليلة إلى حد ما مقارنة بالأخبار التي من الممكن أن تُنشر في الصحيفة، باعتبار الخبر أحد أهم الفنون الصحفية وأكثرها انتشارًا. بينما جاء المقال الصحفي ثالثًا بنسبة ضئيلة بلغت 6.7%، ثم جاء بعده الحوار الصحفي بـ5.4%. ولم يجد الباحث شيئًا عن نشر الصحيفة فنيّ التحقيق والكاريكاتير الصحفيين، وذلك في الأعداد المختارة من الصحيفة بحسب منهجية الدراسة.
في حين جاء الصحفي أولًا كمصدر إخباري، بنسبة بلغت 56.8%، للمواد الصحفية المنشورة في الصحيفة، وهو ما يدّل، بحسب الباحث، على عناية الصحفي بالموضوعات السياحية وقطاع السياحة داخل وخارج السعودية، مؤكدًا أن هذا لا يعفي الصحفية من أهمية وجود الصحفي المتخصص في الشؤون السياحية كمصدر، حيث بلغت نسبة الصحيفة كمصدر إخباري 40.6%. بينما اعتمدت الصحيفة على وكالة الأنباء السعودية ووكالات الأنباء العالمية كمصادر إخبارية بنسبة بلغت لكل منهما 1.3%.
وتفوقت صحيفة «الوطن» في تغطية الشؤون السياحية المحلية بنسبة بلغت 86.5% من مجموع المواد التحريرية المنشورة خلال فترة الدراسة في فئة المحليات، مقارنة بنشرها تغطية الموضوعات السياحية الدولية التي بلغت ما نسبته 10.9%. بينما جاءت تغطيتها السياحية الخليجية والعربية بنسبة بلغت لكل منهما 1.3%، حيث تشير هذه النتائج، بحسب الباحث، إلى اهتمام النشر الصحفي بالشؤون السياحية السعودية.
وكانت المواد التحريرية المنشورة في صحيفة «الوطن» عن الشؤون السياحية في الصفحات الداخلية. أما الصفحات المتخصصة أو العامة فبلغت نسبتها 74.4%، وتلتها المواد التحريرية المنشورة على الصفحة الأولى بـ24.4%، وهو ما يُشير، بحسب الباحث، إلى اهتمام الصحيفة بالتغطيات السياحية، وذلك عبر تخصيص صفحات داخلية أو ملاحق متخصصة سياحيًا.
المجال الثقافي
يُعدّ المجال الثقافي الأعلى في الاهتمام بالنشر من بين فئات الموضوعات السياحية الأخرى، حيث وصلت نسبته إلى 28.3% من مجموع المواد التحريرية. وتُؤكد هذه النتيجة، بحسب الباحث، اهتمام صحيفة «الوطن» بالمجالات السياحية المتعلقة بالجانب الثقافي، واهتمام القطاع السياحي في السعودية بهذا المجال في جوانبه المتعددة، من متاحف ومواقع أثرية ومعالم تاريخية وتنوع تراثي وغيرها، حيث استطاع تفعيله وتعزيزه سياحيًا، لنقل الصورة الثقافية الحقيقية عن المملكة العربية السعودية.
وتمثلت أهم القضايا التي ناقشتها واهتمت بها الصحيفة في قضية تطوير القطاع السياحي، التي جاءت بواقع أعلى نسبة (41.8%) من مجموع المواد التحريرية، بينما حققت قضية استثمار السعودية في السياحة نسبة بلغت 39.2%، وهو ما يعكس اهتمام صحيفة «الوطن» بهذه القضايا، واستشعارها التحديثات السعودية الرسمية على مستوى القطاع السياحي في جوانبه المتعددة، التشريعية والتنظيمية، حيث يشير الباحث كريري إلى أن السنوات الماضية تحديدًا شهدت اهتمامًا كبيرًا بالقطاع السياحي، ومن ذلك إنشاء وزارة السياحة إلى جانب الهيئة العليا للسياحة، وانطلاق عدد من المشروعات التي يجرى العمل عليها، لتكون وجهات سياحية للقادمين من داخل السعودية وخارجها.
كما تبين هذه النتائج، بحسب الباحث، مدى اهتمام القطاع السياحي بإطلاق الفعاليات، ومنها تنظيم فعاليات موسمي صيف وشتاء السعودية في تلك المرحلة، وهو ما انعكس على واقع السياحة الداخلية، والإقبال عليها من خلال الوجهات السياحية التي استعدت لهذين الموسمين.
الصورة في المادة التحريرية
أشارت نتائج الدراسة في فئة الاعتماد على الصورة بالمواد التحريرية إلى أن وجود الصورة الخبرية المستقلة بلغ النسبة الأعلى بـ44.4%، بينما جاء وجود الصورة بشكل عام بنسبة بلغت 33.8%، بينما بلغ وجود الإنفوجرافيك 15.8%. وتشير هذه النتائج، بحسب الباحث، إلى أن الاهتمام بالصورة كعنصر طباعي مهم يُضيف كثيرا للمادة التحريرية ويُكسبها درجة من المصداقية، ممّا يُساعد القارئ في فهم الموضوع والاهتمام به ومطالعته. كما يُعدّ الاعتماد على الصورة من الأدوات المهمة لدعم الموضوعات المنشورة عن السياحة، وزيادة عاملي الجذب والترويج السياحيين.
بينما كان استخدام الجداول البيانية والرسوم بأشكالها التعبيرية واليدوية محدودًا في صحيفة «الوطن»، حيث جاءت نسبة اعتمادها على وجود الرسوم التعبيرية 5.8% من مجموع المواد التحريرية، وأقلّ منها الرسوم اليدوية التي بلغت نسبتها 1.8%. كما كانت نسبة الجداول البيانية 0.4%. ويرى الباحث أن عدم التنوع في نشر الفنون الصحفية ظهر جليا، وكان لغياب فنّي التحقيق والحوار الصحفيين دور في تراجع نشر هذه الرسوم المعتمدة على أسلوبي التحليل والتفسير مقابل طغيان أسلوبي الخبر والتقرير.
توصيات الباحث
سلطت التوصيات المقترحة التي توصل إليها الباحث الضوء على أهمية التوازن في نشر الفنون الصحفية التي تعالج الشؤون السياحية في الصحف اليومية السعودية، مؤكدًا أهمية تدريب وتأهيل وتوظيف صحفيين متخصصين في الشؤون السياحية، وتوسيع دائرة اهتمام الصحف بمختلف القضايا السياحية، إلى جانب حث الدراسات البحثية مستقبلًا على بحث قضايا أخرى غير واردة في الدراسة، والخروج بتصور شامل عن جوانب القطاع السياحي السعودي. كما على الدراسات البحثية السياحية المستقبلية السعي لمناقشة أحد الأنواع السياحية، ودراسته من جميع جوانبه.
السياحة في زمن كورونا
أوضح الباحث كريري، في دراسته، أن القطاع السياحي في السعودية تأثر بسبب جائحة كورونا كغيره من القطاعات في جميع دول العالم، مما أدى إلى ركود اقتصادي، حيث ذكر الموقع الرسمي لوزارة السياحة أن كورونا أثّر بشكل كبير على السياحة، وخصوصًا قطاعي الطيران والفنادق، مبينًا أن الجائحة أدت إلى انخفاض عدد المسافرين بنحو 26 مليونًا، بينما تأثّرت نحو 200 ألف وظيفة في القطاع السياحي. ومن أجل ذلك، قدّمت المملكة خلال تلك المرحلة مبادرات لدعم الاقتصاد بـ120 مليارا، ليستفيد منها القطاع السياحي.
وأشار إلى أن السعودية خلال جائحة كورونا وإغلاق الحدود عملت على تفعيل وتعزيز السياحة الداخلية من خلال تنظيم موسمي صيف وشتاء السعودية 2020، اللذين توزعت فعالياتهما على جميع أنحاء المملكة، لتُغطّي معظم مناطق الجذب السياحي، وإقامة عدد من الأنشطة والفعاليات التي تتوافق مع طبيعة الأماكن وطقسها، لتكون وجهات للسّياح مستقبلًا من داخل السعودية وخارجها.
وأوضح الباحث أن جائحة كورونا شلّت 70% من النشاطات السياحية حول العالم، وسجلت شركات الطيران حول العالم خسائر فاقت 9 تريليونات دولار. كما فقد قطاع العمل 50 مليون وظيفة عبر العالم، خاصة في بعض الدول التي تسهم السياحة فيها بالنصيب الأكبر من إجمالي الناتج المحلي، والذي يصل إلى أكثر من 20% من هذا الإجمالي سنويًا. وقد تحوّلت هذه الأزمة الصحية إلى أزمة اقتصادية وطنية في عدد من الدول النامية التي تعتمد بصورة كبيرة في إجمالي ناتجها المحلي على عائدات السياحة.
اهتمام «الوطن» بالجانب السياحي (حسب الدراسة)
الاهتمام بالفنون الصحفية
1ـ التقرير الصحفي : 58.2%
2 ـ الخبر الصحفي :29.7%
3 ـ المقال الصحفي :6.7%
4 ـ الحوار الصحفي : 5.4%
5 ـ التحقيق والكاريكاتير : غائبين
المصادر الإخبارية
1ـ الصحفي : 56.8%
2 ـ الصحيفة :40.6%
3 ـ وكالة الأنباء السعودية ووكالات الأنباء العالمية : 1.3%
نسبة التغطية
1ـ الشؤون السياحية المحلية : 86.5% من مجموع المواد التحريرية السياحية
2 ـ الموضوعات السياحية الدولية :10.9%
3 ـ السياحة الخليجية والعربية :1.3%
4 - نسبة المواد التحريرية عن الشؤون السياحية في الصفحات الداخلية صفحات متخصصة أو عامة: 74.4%
5 - نسبة المواد التحريرية السياحية المنشورة على الصفحة الأولى : 24.4%