قدم الخيال العلمي لمراكز الأبحاث حزمًا من الأفكار الإبداعية، ترجمها العلماء في المصانع والمعامل إلى إنجازات تقنية، ومخترعات ذات تصاميم جديدة وخدمات منوعة اختصرت وقت وجهد الإنسان.

ومن أبرز هذه التحولات العلمية الملفتة «الرقائق»، وهي صفحة شفافة من السيليكون، قابلة للإنثناء، لا يزيد حجم الرقيقة الواحدة على مليمترات، محفور عليها خلية ضوئية شمسية، تتمدد داخلها شبكة معقدة من أسرار العلم.

ويصنفها العلماء اليوم بالوقود الخفي الذي يقوم بتشغيل أجهزة الاتصالات، الحواسب، وسائل النقل الحديثة البرية،البحرية، الجوية، وفي مجالات الطب، الصناعة، التجارة وغير ذلك، وبدونها تبقى الأجهزة كتل صماء عمياء من الفولاذ والحديد والألمنيوم والبلاستك والزجاج.

وتأتي تايوان في المركز الأول عالميًا في صناعة الرقائق، وتستحوذ على نسبة 75% تليها كوريا الجنوبية ثم الصين وقد تتغير هذه النسب صعودًا أو هبوطًا.

والرقائق عالم عجيب وغامض، جعلتها الدول الصناعية الكبرى هدف للاستحواذ والتنافس والاستثمار بالمليارات، وكمثال على ذلك التنافس بين الصين والولايات المتحدة.

وتستغرق صناعة الرقائق شهورًا داخل مصانع عملاقة مُغّلقة ومجهزة، يتم فيها تحويل رقائق السيليكون إلى دوائر إلكترونية يُطلق عليها (الترانزستورات) تتبعها مراحل أخرى.

ويشهد العالم طفرات جديدة وسريعة من الإختراعات، وكلما ارتقى العقل البشري إلى فضاءات العلم الواسعة كلما نجح في اختراع صغير الحجم، ولكنه أكبر قوة في التأثير عن سابقه.

وهذا هو التحدي القادم بين العلماء كيف يصلون إلى خُلاصة بحوثهم لتُصبح مفاتيح الحضارة مجتمعة في رقائق بحجم حبة العدس، تلازم الإنسان أينما ذهب، ولا يستطيع الإستغناء عنها لأن مصالحه ستتعطل إن فقدها؟

ولعل الهواتف النقالة بين أيدينا تعطينا البرهان القاطع عندما ارتبطت بمصالح الناس على مدار الساعة؟، ومن يدري فقد تُصبح من الماضي ويحل محلها البديل الذي لا يمكن تصوره.

ورغم ما نسمعه عن التطورات المذهلة المتسارعة يبقى العلماء في حيرة من أمرهم، لأنهم لم يتوصلوا إلا للقليل والقليل جدًا من آفاق الكون الواسع الذي خلقه من قد أحاط بكل شيء علما سبحانه وتعالى.

يقول المفكر أبو حامد الغزالي «ميزة العقل هي في قدرته على كشف عجزه».