انتقد خبير تعزيز الصحة والتوعية الصحية الدكتور عبدالرحمن يحيى القحطاني الظهور الإعلامي العلني للمتعافين من تعاطي المخدرات عبر القنوات الإعلامية أو شبكات التواصل الاجتماعي دون إخفاء هويتهم، مؤكدًا أن ذلك يُعد خطأ فادحًا قد يؤدي لأضرار نفسية، وسلوكية، واجتماعية، تجاههم أو تجاه أحد أفراد أسرهم وأقاربهم، وربما تبعات قانونية، كما دعا إلى ضرورة الموازنة بين المفاسد والمصالح في هذا الظهور، وتقنينه.

وعبّر القحطاني عن أسفه تجاه بعض الإعلاميين ومشاهير شبكات التواصل الاجتماعي ممن يحفزون ظهور المتعافين علنًا وبأسمائهم، مما ينم عن جهل بنفسية المتعافي، وبالتبعات السلبية لذلك الظهور القريبة، والبعيدة المدى عليه والمحيطين به.

تأثير المخدرات


شدد القحطاني على أن هناك جانبًا جوهريًا قد يغيب عن المتعافي، أو من يُحفزهم للظهور العلني، حيث يشير عدد من الأبحاث الطبية إلى أن تأثير المخدرات السلبي على عمليات تحليل، واتخاذ القرارات، والإدراك في الدماغ، وضعف التحكم في المشاعر قد يستمر لفترة طويلة؛ حتى بعد التعافي من الإدمان، ونتيجة لذلك فقد يتهاون المتعافي في الظهور العلني، ولا يستوعب تبعاته القريبة والبعيدة المدى عليه وعلى أسرته، وربما يسوقه ذلك للانجراف غير المتزن لطلب الشهرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وأوضح القحطاني أن من أبرز المحاذير أن المتعافي غير مؤهل لتقديم التوعية، والإرشاد في الوقاية من تعاطي المخدرات، كونه سلوك خطر وبالغ التعقيد، بحاجة إلى تدريب كاف، وبالتالي قد يقدم معلومات غير صحيحة أو مبالغ فيها، وربما يعرض تجربته في قالب مربك غير واقعي يوحي بسهولة التعاطي والشفاء منه، ما قد يحفز للتعاطي خصوصًا لدى المراهقين والمراهقات. وبطبيعة الحال فهذا لا يعني استحالة التعافي، بل هو ممكن لكن يحتاج إلى صبر وتحمل وإصرار ومثابرة.

السخرية والنبذ

وفي البعد القانوني لتلك الأضرار، أوضح خبير تعزيز الصحة والتوعية الصحية، أن تلك الفئة قد تقدم معلومات حساسة أثناء ظهورها الإعلامي، دون إدراك منها، ربما تعرضها للمساءلة القانونية. ومن ذلك أحد المتعاطين الذي ظهر مؤخرًا ليعلن توبته عبر إحدى شبكات التواصل ويقوم بإتلاف حبوب مخدرة علنًا (حسب زعمه)، ما قد يحرك الحق العام عبر النيابة استنادًا لنظام مكافحة المخدرات ونظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.

وفي سياق يتعلق بالأضرار الاجتماعية والنفسية لتبعات الظهور العلني غير المدروس، أشار القحطاني إلى أن ذلك قد تصاحبه ردة فعل سلبية من أسرته والمحيطين به ما قد يؤدي للنفور منه وقطيعته. وغني عن القول إن ذلك قد يعرضه للسخرية والنبذ وانتهاك خصوصيته من قبل بعض من يجهلون كيفية التعامل مع المتعاطين والمتعافين. ولا يمكن تجاهل أن تلك الضغوط قد تؤدي به للانتكاسة في التعاطي خصوصًا للمتعافين الجدد. وللأسف قد يتعدى الضرر إلى أسرته وأقاربه بالإساءة والسخرية منهم أيضًا، بل وقطيعتهم. كما ألمح إلا أن ذلك الظهور قد يؤثر على مساره الوظيفي.

ووجه نصيحته لأولئك المتعافين والمقلعين قائلًا «إن هذا الاندفاع غير المحسوب قد تعقبه حسرة وألم، وما دام أن الله أنعم عليك بستره لسنوات ثم هداك للعلاج والتعافي فاحمد الله واشكره واحفظ هذا الستر»، ودعاهم إلى أخذ استشارة مختص قبل الظهور العلني.

وحول معايير الظهور الإعلامي للمتعافين، أكد القحطاني أنه ليس ضد الاستفادة منهم في التوعية، على أن يتم ذلك وفق ضوابط تضمن التوازن بين المصالح والمفاسد وحفظ خصوصيتهم وإخفاء هويتهم، وعدم تعريضهم وأسرهم لأضرار محتملة أو ردة فعل غير محمودة من قبل البعض. كما أوضح أن التجارب الدولية تثبت أهمية استثمارهم في تقديم التوجيه للمتعاطين والمتعافين الجدد من خلال الجلسات المغلقة معهم، بعد تأهيلهم من قبل متخصصين، كما هو الحال في مجمعات إرادة وعدد من الجمعيات ذات العلاقة.

وطالب وزارة الإعلام بسرعة التدخل في ذلك، وتقنين ظهورهم حفاظًا على خصوصيتهم وخصوصية أسرهم وأقاربهم.