• تعريف المعجزة، هي: أمرٌ على غير العادة، غالبًا ما يُقرن بالتحدي.

سنأتي لهذا التعريف فيما بعد.

والخبرة، هي التي يحصل عليها الإنسان نتيجة تراكم زمني يصل إلى عشرات السنين، يتبع هذا التراكم نضجٌ معرفي وقدرة بالغة الدقة في صناعة القرار.

أذكر قصة رواها لي المؤرخ الراحل محمد حسين زيدان، أن الملك عبدالعزيز كان في البَر مع بعض معاونيه أواخر عمره، يرحمه الله، فرأى، وقد شارفت الشمس على المغيب، رجلًا مع أهله، فسأله: ما تفعل؟ قال البدوي: أرعى حلالي ونربّع وين ما يحط المطر، فعرض عليه الملك إن كان له حاجة، فقال له: سلّفني مالًا وحولها أطب قصرك وأرده لك) فأعطاه الملك، ومضى، بعدها سمع تهامس معاونيه، فالتفت إليهم يسألهم، فقالوا له: هذا فلان إللي تطلبه يا طويل العمر، لم يعرفه الملك لحلول الظلام، فكتم ما شعر به من خديعة، وقال: أعرف إنه فلان.. تبون أرّوع محارمه، يحول الحول ويطب عندي ويصير خير.

حال الحول، وقالوا للملك إن فلان على الباب يستأذنك في اللقاء، أذِن له، وقال (لا تصبون القهوة) فدخل عليه البدوي، ولم يعره الملك اهتمامه، ثم سأله قائلًا: يا فلان وين إللي سلفتك؟ فقال له البدوي، وبكل ثقة (أنت ملك وإلا مرابي؟) فانتفض الملك وقال: والله إني ملك، صب القهوة يا ولد. انتهى

يقول الزيدان، إن البدوي لمس موهبة المُلك عند الملك، فاستشعر شموخها وقيمتها ومتطلباتها، فمارس موهبته كملك.

أقول: إن الأمير محمد، لا يشبه الملك عبدالعزيز في ملامحه فحسب، كما هو معروف، إنما يشبه في موهبة المُلك أيضّا، ففي هذا العمر (الثلاثيني) لأي إنسان، يفتقر المرء إلى الحكمة الكافية وإلى وقار الشيوخ وإلى الحنكة والدراية بدهاليز الحياة ووعورة طرقاتها، كما يجناح هذا العمر إلى حب الظهور والترفّه بما يفوق إمكانيته، ويميل إلى متع الحياة بأكبر قدر ممكن.

كل هذا، لم نره في حياة الأمير (الثلاثيني)، بل نرى حكمة بادية المعالم ووقارًا جليًا وحنكة ودراية بتفاصيل الحياة، والشواهد كثيرة على ذلك، فقراراته الشجاعة داخل الوطن كثيرة، ومن أهمها:

• مكافحة الفساد بقوة ضاربة لكائن من كان.

• محاربة الفكر المتطرف في الدين.

• تطور النظام القضائي.

• قرارات عدّة فيما يتعلق بالمرأة (قيادة السيارة، مشاركتها في التنمية، فتح مجال العمل لها في كل القطاعات)

• حوّل العديد من المدن السعودية إلى ورش عمل، من خلال مشاريع تنموية خلاقة عملاقة.

• بناء مدن عالمية (نيوم، ذا لاين، القدية.. وغيرها).

أما القرارات والمواقف الخارجية، كثيرة، كان من شأنها بزوغ المملكة كقوة اقتصادية وسياسية وزعامة وريادة إقليمية وعالمية، ناهيكم عن جحم التحدي والصعاب والعقبات الهائلة والكبيرة التي واجهها، وكسب كل المواجهات.

السؤال: كيف اكتسب هذا الثلاثيني كل هذه الخبرة في صناعة هذا الوجه المشرق للوطن، في بضع سنين، وهو لا يتكئ على تراكم زمني طويل؟

هنا، أعود إلى تعريف المعجزة، (أمرٌ على غير العادة، غالباً ما يُقرن بالتحدي) بناء على هذا التعريف فإن الأمير محمد بن سلمان معجزةٌ، فهو أتى بأمر على غير العادة، خبرة وحنكة ودراية وتواضعًا ونضجًا معرفيًا دون الإتكاء على تراكم زمني، وحين نضيف هذا كله على ما يتمتع به من موهبة المُلك، تكون الإجابة على السؤال: كيف اكتسب كل هذه الخبر في الحياة وفي المُلك وهو لا يتكئ على تراكم زمني طويل؟

إذًا، علينا نحن الشعب السعودي مسؤولية حب هذا الأمير، الذي ألبس الوطن، بجميع أطيافه، ثوبًا عالميًا يليق به بل وجديرٌ به، هذه المسؤولية تتطلب منا الفخر بهذا الأمير وليس التزلف.. فهو أذكى بكثير من أن يغريه مدحًا أو نفاقًا أو تزلفًا.

@abajaana