أصبح استخدام العقاقير الرقمية، المعروف - أيضًا - بـ «الفكرة الرائعة» أو «نبض الأذنين»، شائعًا بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، ويعد من أشكال التعاطي لكن باستخدام التكنولوجيا من خلال مواقع معينة على الشبكة العنكبوتية أو التطبيقات التي تقدم هذه الخدمات على شكل صور واصوات تغير حالة الوعي وتحفز مشاعر النشوة والاسترخاء. قد يبدو للوهلة الأولى أن تأثيرات الأدوية الرقمية غير ضار، إلا أنه قد يكون لها عواقب وخيمة، وتشكل خطرًا كبيرًا على صحة المستخدمين الجسدية والعقلية وبالتالي يتأثر المجتمع.

بحثت عن الموضوع، وجدت بعض الدراسات، ولكن ما يهمني هنا تلك التي صدرت من مجتمعنا مثل دراسة: «الوعي حول إساءة استخدام العقاقير الرقمية والوقاية التطبيقية منها بين ممارسي الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية»، وأخرى بعنوان: «الإدمان في عصر الإنترنت: حالة العقاقير الإلكترونية» ، والتي سلطت الضوء على مخاطر استخدام الأدوية الرقمية.

أظهرت هذه الدراسات أن العقاقير الرقمية يمكن أن تسبب الإدمان، وأنها ضارة مثل العقاقير التقليدية، وأن آثارها يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة وطويلة الأمد على الصحة البدنية والعقلية والعاطفية للمستخدمين.

لماذا تعتبر العقاقير أو الأدوية الرقمية خطرة؟

لسهولة الوصول إليها، خاصة للمراهقين المعروفين بانجذابهم للتجارب وحب المخاطرة، ما يؤدي إلى دورة من الاستخدام المفرط، ومن ثم البحث عن المزيد من مشاعر النشوة من خلال الولوج إلعالم المخدرات، بمعنى أنها طريق إلى ما هو قاتل!

غالبًا ما تسوق من قبل المواقع على أنها طريقة لتعزيز التأمل وخفض التوتر وتحسين النوم باستخدام المحفزات الصوتية والمرئية لتغيير نشاط الدماغ وإحداث تغييرات في الوعي، وبالطبع لا يذكر أنها تؤدي إلى مجموعة من الآثار الجانبية السلبية، على سبيل المثال لا الحصر الصداع، والدوخة، والقلق، بل قد تؤدي إلى نوبات تشبه نوبات الصرع، هذا عدا عن أنه يمكن أن يؤدي استخدام العقاقير الرقمية إلى تغييرات طويلة الأمد في كيمياء الدماغ، وليس خفيًا أن الدماغ منطقة حساسة تؤثر في بقية وظائف الجسد!

من خلال متابعتي لمواقع غربية تتحدث عن الموضوع، وجدت مصدر قلق بشأن الأدوية الرقمية، ألا وهو الافتقار إلى التنظيم والرقابة، حيث تسويق العديد من هذه المواقع أو التطبيقات على أنها أدوات «مساعدة ذاتية»، أو أي مسميات جاذبة خاصة النشء، ما يصعب على المستخدمين إدراك المخاطر والعواقب المحتملة لاستخدامها!

بالإضافة إلى ذلك، النقص الواضح في البحث العلمي أو تحليل ودراسة الأدلة التي بدأت تظهر لدحض الادعاءات التي يقدمها مبتكرو هذه العقاقير الرقمية، ما صعب على المستخدمين اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن استخدامها، وهنا أتحدث عن المستخدم البالغ الراشد الحريص على صحته، ولكن فيما يخص المراهقين لا أظن أنهم يشغلون أنفسهم بالرجوع إلى الأبحاث عند دخول المغامرة كما يعتبرونها.

الخطورة هذه الأيام تتجلى في أن كل ما يحتاجه الزمار، هو أن يرفع مزماره ويبدأ العزف لتلتفت الرؤوس وتغيب العقول.

من الأهمية بمكان أن يتشكل وعي بين الأفراد والمجتمعات حول مخاطر الأدوية الرقمية، واتخاذ خطوات لحماية أنفسهم والآخرين، والخطوة الأولى تكمن في تثقيف الذات والآخرين حول مخاطر هذه البوابة السامة والعواقب المحتملة لاستخدامها. ويمكن أن يشمل ذلك مشاركة المعلومات والمصادر التثقيفية، والمشاركة في ورشات عمل لا تركز فقط على أسلوب المحاضرة، بل على التفاعل الجمعي في التفكير بالحلول، ولا ننسى فتح قنوات حوار مع الأصدقاء والعائلة خاصة الأبناء، وأخيرًا الوصول إلى المؤسسات والوكالات التي تقدم الدعم والموارد للمتضررين من تعاطي المخدرات للاستفادة من خبراتهم في كيفية التعامل مع هكذا حالات متى ما وجدت.

خطوة مهمة أخرى هي دعم التنظيم والرقابة على الأدوية الرقمية دوليًا؛ يمكن أن يشمل ذلك الدعوة إلى قوانين وأنظمة أكثر صرامة لمنع بيع وتوزيع هذا النوع من الأدوية، ودعم كل الجهود التي تبث الوعي بين الجمهور حول مخاطر الأدوية الرقمية. يمكن للأفراد أيضًا اتخاذ خطوات لحماية أنفسهم ومن حولهم من خلال الانتباه لاستخدامهم التكنولوجيا والتنبه إلى ما إذا كان هناك استخدام مفرط لمواقع هذه العقاقير. إنها خطوات تسهم في الحد من التعرض لها، وتقديم المساعدة للبحث عن بدائل للاسترخاء وتخفيف التوتر، مثل الرياضة أو المشاركة في فعاليات أو السفر وما إلى ذلك.

استخدام العقاقير الرقمية يمثل تهديدًا متصاعدًا للصحة العامة، ومن الأهمية بمكان رفع الوعي حول هذه المخاطر واتخاذ إجراءات لمنع استخدامها، فالشباب والمراهقون خاصة معرضون لمخاطرها، بسبب - كما أسلفت - ميلهم للتجربة وحب المغامرة، وبهذا يصبحون في دائرة خطر الانتقال من المواد الرقمية إلى المخدرات!

لذا من المهم التركيز على رفع الوعي في المدارس والجامعات، حيث من المرجح أن يتعرفوا إلى مثل هذه المواقع بتأثير الأقران - على الأقل - وحب التجربة والتقليد.