وفيما يتاح الواتساب حاليًا في أكثر من 180 دولة حول العالم لتلبية احتياجات الجمهور المحلي، مع توفره أيضًا بنحو 60 لغة مختلفة، وإرساله أكثر من 65 مليار رسالة يوميًا، وإجرائه أكثر من ملياري دقيقة من المكالمات الصوتية والمرئية كل يوم، بقيت إحدى أبرز مشاكل مستخدميه تتجلى في طلب أي من أعضاء مجموعة ما ومن خلال المجموعة الحديث على نحو منفرد مع عضو آخر، مستخدمًا عبارة «خاص لو سمحت».
وباتت هذه الـ«خاص لو سمحت» تثير كثيرًا من الحساسية بين أعضاء المجموعة الذين يطلعون على هذه الرسالة، ويشددون على أنه بإمكان مرسلها على المجموعة أن يخاطب العضو المقصود على الخاص دون أن يعلن رغبته على الملأ؛ لأنها رغبة غالبًا ما تثير حساسية الآخرين.
تسمية غريبة
يطلق البعض على طلب عضو ما عضوا آخر لمحادثة خاصة أو على استخدام عبارة «خاص لو سمحت» أو «تعال خاص» مسمى «برزة الواتساب»، وهو مصطلح يبدو غريبًا على كثيرين.
ويرى كثيرون أن هذه العبارة تحديدًا، أو «البرزة» كما يسميها بعضهم تسببت بحدوث مشاكل أو خصام أو تفرق بين أعضاء القروب.
ويرى كثيرون أن بإمكان الشخص الذي يطلب المحادثة الخاصة مع آخر أن يتوجه إليه مباشرة دون إشعار أعضاء القروب برغبته، لأن إعلانه قد يثير الشكوك في سبب هذا الطلب، وما هو فحوى تلك المحادثة الخاصة التي لا تقال على الملأ في القروب، وهو ما يفتح باب الأسئلة لدى أعضاء القروب.
مناجاة في غير محلها
يقول المدرب التربوي عبد الله عدلان فيما يتعلق بعبارة «تعال خاص» أو «خاصة لو سمحت» أو «البرزة» فإنها كلها تقابل ما يعرف في الفصحى بـ«المناجاة، أو التناجي» أو اجتماع اثنين دون الثالث أو دون المجموعة الأخرى في حديث خاص بعيدًا عن جروب الواتساب، وهو ما نهتنا عنه شريعتنا الإسلامية، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجَى اثنانِ دون الثالث) رواه البخاري، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإنَّ ذلك يُحزِنُه) رواه مسلم، لأن هذا الأمر أو التناجي أو التسار عندما يتسار اثنان دون رفيقهما الثالث، فقد يشعر هذا الشخص أن هذه المناجاة، أو الحديث السري الذي دار بين الاثنين يتعلق به شخصيًا، وقد يحز في خاطره هذا الأمر، وقد يفتح مجالًا للشيطان للتدخل والوسوسة للبقية بأن المتناجيين يتحدثان عنهم.
أمر مزعج
يشير عدلان إلى أنه فيما يتعلق بجروبات الواتساب فإنه «عندما يكون هناك مجموعة من الزملاء أو من الأصحاب جمعتهم مناسبة، وتجمعوا في قروب للتنسيق لها والتواصل بشأنها، ثم يأتي فرد منها ليقول فيها إنه يريد شخصًا بعينه لحديث خاص، فإن هذا لا يعدو أن يكون بمثابة دعوة للخروج خارج القروب، وهذا يثير حفيظة البقية، لأنهم في الغالب قد يظنون أن الأمر الخاص بين الاثنين الذين تناديا إلى الحديث الخاص يتعلق بالقروب نفسه، أو يتعلق بأعضاء القروب، وهذا يثير الشك والريبة بين بقية المجموعة، ويصبح الموضوع مدعاة للتباغض والوسوسة والظنون».
التحدث بلسان الآخرين
يضيف عدلان «أنا ضد هذا الأمر جملة وتفصيلًا، وقد حدثت أمور كثيرة نتيجة له، وحين يجتمع مع مسائل أخرى غالبًا ما تشهدها القروبات التي تضم مجموعة من الزملاء، وتطرح فيها مواضيع للنقاش، فيلوذ بعضهم بالتزام الصمت دون أن يبدوا أي رأي، ويبدي آخرون آرائهم ويطرحونها بكل شفافية وبكل وضوح أمام القروب، حيث يظهر في هذه القروبات من يتحدث بلسان الآخرين، ويعد نفسه ناطقا باسمهم حتى دون تفويض منهم، فإن هاتين الحالتين غالبا ما تفجران المتاعب في القروبات».
ويتابع «لو سألت هذا الذي نصب نفسه متحدثا عن الآخرين، لماذا تتحدث نيابة عنهم، سيقول لك كلفوني، ويصيف أنه تواصل معهم في رسائل خاصة، وأنه يتولى نقل وجهات نظرهم لبقية المجموعة، وهنا تبرز الإشكالية الكبيرة التي يقع فيها الناس، لذا لا تسمح لأحد بأن يتحدث نيابة عنك، طالما لديك المقدرة على إبداء وجهة نظرك، أما أن يتحدث اثنان خارج القروب ثم يعود شخص ليتحدث نيابة عن الآخرين فهذه مدعاة للإشكاليات والخصام والفرقة بين المجموعة».
مشادات وخصام
يكمل عدلان «هناك أمثلة كثيرة جدا عن قروبات واتساب تفرق الزملاء فيها نتيجة مشادات وخصام اقتحم القروب، والسبب في الغالب يعود إلى غياب الآلية الواضحة والصريحة والشفافة خلال الأحاديث داخل القروب».
وواصل «يفترض بكل شخص أن يكون مسؤولا عن وجهة نظره ورأيه داخل القروب، فإذا كنت تريد أن تتحدث مع شخص خارج القروب فهذا أمر يرجع إليك، لكن لا تشعر الآخرين أنك تتناجى مع هذا الشخص على الخاص في الموضوع الذي طرحتموه في الجروب، لأن هذا التصرف قد يولد الشكوك بين أعضاء القروب، ولا بد أن تكون المصداقية والشفافية حاضرة بين أعضاء القروبات حتى يكتب لها الاستمرار».
أسلوب غير حضاري
يقول يحيى مانع آل قريع وهو مدير منشأة صحية إن طريقة طلب الشخص على الخاص داخل مجموعة واتساب يوجد بها عدد من الأشخاص الآخرين أسلوب غير حضاري يدعو للفرقة والشللية ويثير الحساسيات بين أعضاء القروب، سواء كان القروب أخوي أو قروب عام أو قروب عمل رسمي، فمجرد أن الشخص يرسل «يا فلان تواصل معي خاص» قد يكون فيها نوع من الحزازيات والتفرقة بين أعضاء القروب، بينما الطريقة المناسبة للتواصل هي الذهاب مباشرة إلى الشخص والتواصل معه دون الحاجة إلى أن ترسل رسالة بهذا الشأن في القروب.
أمر مقبول
يتابع آل قريع «قد يكون التواصل والطلب على الخاص داخل القروب أمرًا مقبولًا في بعض الأحيان، لكن في حالات حصرية جدًا، على سبيل المثال مدير جديد لإدارة أو مؤسسة أو شركة يجتمع مع موظفيه في جروب الواتساب لأول مرة وهو لا يعرف أسماءهم وأرقامهم، فعندما يحتاج موظف يطلبه مدير القسم أو الموظف الفلاني يتواصل معي الخاص، ونقيس على ذلك أمثلة عدة مشابهة، فهذه في مثل هذه الحالات المحددة تعد مقبولة ولا تثير أي إشكالية ويتفهمها الجميع في القروب».
ويكمل «لكن الأمر نفسه يكون غير مقبول عندما يكون جميع الموظفين معروفين لدى مديريهم، فيبادر المدير بطلب الموظف للتواصل على الخاص، فهذا التصرف قد يكون مزعجًا لدى أعضاء القروب، والمفروض من المدير أن يتواصل مع الموظف على الخاص مباشرة دون الحاجة إلى لفت انتباه المتواجدين في الجروب بطلبه على الخاص، لأت هذا التصرف قد يولد حساسية بين الموظفين ويطرح أسئلة في أذهان المتواجدين في الجروب، ماذا يريد المدير؟، ولماذا لا يتحدث على القروب؟، ولماذا.. ولماذا؟».
الاستخدام بالشكل السليم
يرى الأخصائي الاجتماعي محمد بالحارث أن «برامج التواصل الاجتماعي خاصة الواتساب وجدت لخدمة الناس والتسهيل عليهم، فيجب استخدامها بالشكل السليم من خلال التواصل فيما بينهم، وتعد ظاهرة محادثات الواتساب الخاصة أو التي عرفت بـ«تعال خاص» أو «برزات الواتساب» من خلال الحديث بشكل سري أو عبر انفراد شخصين من المجموعة عن الآخرين وإعلانهما أنهما في حديث بعيد عن القروب، قد تسبب الضيق للآخرين وتثير حفيظتهم عن سبب الطلب إلى محادثة خاصة، وأحيانًا تسبب الإحراج للشخص المدعو نفسه، إلا في حال كان الطالب لا يعرف الشخص المطلوب، ولا يعرف رقمه، فيطلبه عبر القروب للتواصل عبر الخاص، وهنا لا بأس في هذا، وتبقى الطريقة الصحيحة في التواصل هي الذهاب للشخص والحديث معه مباشرة طالما يعرف رقمه».