قال لي وهو يحاورني: منذ ثلاثين عامًا وأنت تُحذِّر من حزب الإخوان، فما وجه خطورتهم؟

فقلت له: أنا أرى أن خطورتهم على الإسلام، وعلى العقيدة الصحيحة التي جاء بها نبينا عليه الصلاة والسلام، وطبيعي أن ما كان خطرًا على العقيدة الصحيحة: عقيدة أهل السنة والجماعة فهو أيضًا خطير على الأمن والمجتمع والدولة، لأن العقيدة الصحيحة هي التي بموجبها يتم السمع والطاعة لولاة الأمور، ويتم بموجبها عدم الخروج على ولي الأمر، وهي التي بموجبها يحصل الأمن والاطمئنان، وهي التي بموجبها يحصل عدم الاعتداء على المسلمين، بل وغير المسلمين من المعاهدين والذميين والمستأمنين، بل وكل من لم يعتد علينا أيًّا كان دينه وجنسه، قال تعالى (ولا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين).

والعقيدة الصحيحة هي التي بموجبها يتم حفظ كيان الدولة، فالمنازعة لولي الأمر ممنوعة شرعًا، والجهاد ممنوع شرعًا إلا بإذن ولي الأمر، والتهييج والإثارة والتنظيمات والتكتلات والمظاهرات والتشغيبات على قرارات ولي الأمر ممنوعة شرعًا، هذا ما دلت عليه العقيدة الصحيحة، وهذا ما جعل بعض الإخوانيين الذين ركبوا الآن قارب اللبرالية يناكفون العقيدة الصحيحة.

كما أن العقيدة الصحيحة هي التي بموجبها يكون الإنسان متزنًا متصالحًا مع نفسه ومجتمعه.

بينما حزب الإخوان المسلمين يخالف العقيدة الصحيحة التي أرسل الله بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ويتبع العقيدة الفاسدة التي جاء بها حسن البنا وسيد قطب.

فحسن البنا يقول عن عقيدته ودعوته كما في مذكراته: إنها حقيقة صوفية وسياسية ورياضية... إلخ، لماذا لم يقل عقيدتنا هي ماكان عليه النبي عليه الصلاة والسلام وكفى؟ لماذا يجعلون لهم عقيدة ومنهجًا يخالفون فيه المنهج النبوي؟ هل يرون أن الله لم يكمل الدين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبلغ البلاغ المبين؟!! لقد صاروا يستدركون على الشريعة ويضيفون مناهج ثورية، ومناهج دعوية، ما أنزل الله بها من سلطان.

لو قالوا إن حركتهم لا علاقة لها بالإسلام، بل هي حزب من الأحزاب، تسعى للحكم والهيمنة، وإن خالفت الشريعة، كما هو الشأن في اللبرالية وغيرها، لتفهّمنا ذلك وإن كنا نرفضه، أما أن يرفعوا شعار الإسلام، وهم ضد الإسلام عقيدة ومنهجًا وسلوكًا فهذا جناية على دين الله، ولذلك فخطرهم عظيم، وكراهيتي لمنهجهم دين أتقرب إلى الله به، حتى من قبل أن يُصنَّفوا بأنهم جماعة إرهابية وسأظل إن شاءالله كارها لكل من يستغل اسم الدين لمآرب حزبية.

صحيح أن هناك من يصف كراهيتهم بـ«خطاب الكراهية» ولكن لا ضير، فأنا أكره «حزب الإخوان» وأكره كل ما يكرهه الله ورسولُه، وأحب كل ما يحبه الله ورسوله.

فقال محاوري: وما المخالفات العقدية في منهج الإخوان؟ فقلت: كثيرة جدًا، بدءًا بمخالفتهم للتوحيد، وتهوينهم من التعلق بالأضرحة وأصحاب القبور، وتفويضهم في معاني صفات الله تعالى، يقول حسن البنا في رسالة العقائد ضمن مجموعة رسائله: (البحث في مثل هذا الشأن -أي: الصفات- مهما طال القول فيه لا يؤدي في النهاية إلا إلى نتيجة واحدة هي التفويض لله تبارك وتعالى).

ومقتضى هذا التفويض في الصفات أن آيات الصفات -كالاستواء ونحوها- ألغاز وطلاسم وأحاجي لا يعرف المسلم معناها، وهذا مخالف لقوله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}، والتدبر فرع عن معرفة المعنى.

ومن مخالفاتهم العقدية الاندماج مع الخمينية، وقد نقل عمر التلمساني عن أستاذه حسن البنا: (أن الخلاف مع الرافضة في الفروع لا في الأصول، وأنه كالخلاف بين المذاهب الأربعة).

ومن ذلك الاندماج العقدي مع الخمينية: تأييد الجماعة لثورة الخميني المجوسية، وقد قال الإخواني خالد مشعل: (إن حماس هي الابن الروحي لثورة الإمام الخميني).

فعن أي دينٍ يتحدث الإخوان المسلمين، ما دام أنهم يرون التوافق مع عقيدة الخميني، ولو استطردت بذكر المخالفات العقدية للإخوان لاحتجت إلى صفحات كثيرة، ولكن هذه إشارة لبعض مخالفاتهم العقدية، فضلًا عن مخالفاتهم في الولاء والبراء، فالولاء والبراء عندهم للحزب، وليس لله ورسوله، ولذلك يصادمون المجتمع والحكام، ويزعزعون الأمن، ويسعون في الأرض فسادًا، فكل جماعات العنف خرجت من رحم جماعة الإخوان، ثم إنهم يعتقدون عقيدة التقية والتلون.

يقول أحدهم في كتابه «الثوابت والمتغيرات» (مصلحة العمل الإسلامي تقتضي أن يقوم فريق من رجاله بأعمال جهادية- أي: إرهابية- ويقوم آخرون بالشجب والاستنكار، بتنسيق مسبق، وتبادل للأدوار).

وهم يرون أن الإسلام هو هم، ومن كان ضدهم فهو ضد الإسلام، وهذا يقررونه كثيرًا، بل بالأمس القريب استمعت إلى أحدهم ممن كان أستاذًا في بعض جامعاتنا وهو الآن بأحضان وبلاد أعداء الإسلام، يقول ما معناه: (لي لقاءات مع إخواننا في الداخل منذ عام 2012، وكان بعضهم يتوهم أن الدولة لا يمكن أن تستغني عن الإسلام... وقد أخطأ كثير من الدعاة في تقدير الوضع الداخلي، ظنًا منهم أن الهامش الذي أعطي لهم من قبل الدولة سيتوسع، في الانتخابات وغيرها... إلى أن قال: ولا أتحدث عن المشايخ التقليديين الرسميين وغيرهم فهؤلاء مغيبون، ويحسنون الظن بأن آل سعود يحكمون بالإسلام).

فانظر إلى هذا الحُمْق، والفكر الضال، يرون أنفسهم (الإسلام) والاستغناء عنهم استغناءٌ عن الإسلام، وأنا أقول: إن حسنات الدولة عظيمة، ومن تلك الحسنات: حماية جناب الإسلام من هؤلاء الشرذمة الإخوانية وإبعادتهم عن طريق المسلمين، فذلك من باب إماطة الأذى عن الطريق.

وأما لمزهم لأهل العلم الذين يعرفون للدولة مكانتها وحقوقها الشرعية لمزهم بـ(التقليديين والرسميين والمُغيبين والمُتكلسين) فتلك شنشنة نعرفها من الأخونة واللبرلة.

فقال صاحبي وهل هناك وجه آخر لخطورة الإخوان؟

فقلت: نعم، يتلونون، ليتصدروا، حتى رأينا منهم من صار صبوحه وغبوقه سب الإخوان والتطرف، يفعل ذلك ليوهم غيره أنه ضد الإخوان ، في حين أن أطروحاته هي أطروحات الإخوان ، وعلى رأسها مناكفة الشريعة، ومن قرأ كتاب سلمان العودة (أسئلة الثورة) يراه كتابًا لبراليًا، ومضمونه تمامًا هو ما يقوله الآن رجيع الصحوة، الذين قفزوا من مركب الإخوان إلى مركب اللبرالية، وكنت أقول ولا أزال أقول (الإخوان واللبرالية وجهان لعملة واحدة) المكينة واحدة والبدي مختلف.