لا أعرف الحيثيات التي ظهرت لأجلها تصريحات متحدث وزارة الموارد البشرية حول حساب التعيين والتقاعد، حيث أشار إليها بأنها تحسب بالتاريخ الهجري وليس الميلادي. ولكني وأنا أستعرض الردود الخاصة على هذه الإيضاحات، لفت نظري النقاش والتساؤلات الكثيرة على ماهية الأسباب التي أدت الى تحويل الرواتب من التاريخ الهجري الى الميلادي والإبقاء على ما عداها، وعليه حاولت أن أوضح وجهة نظري في هذا الموضوع من زاوية إدارية ومالية مختصة.

أعمل في إحدى الجهات كمسؤول عن إدارة التخطيط والميزانية، وأحاول أن أكون متابعاً بشكل جيد لكل ما يصدر في هذا الشأن من تقارير وبيانات سواءً حكومية أو خاصة أو حتى فردية.

ولذا يمكنني القول بأن الذي جرى في عام 2016 حول تغيير الرواتب من الهجري الى الميلادي، جاء في ظني كأحد الإجراءات الخاصة بعمليات إصلاحات السياسات المالية المنضوية تحت رؤية المملكة.

وبعيداً عن التوفير الذي ستحصل عليه الخزينة العامة من هذا التحول، إلاّ أن مواكبة العالم ككل في أنظمته المالية مهم جدا، وبالتالي فإن هذا الإجراء يعتبر إجراءً معقولًا ومنطقياً بشكل كبير.

وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فإنني أرغب بالحديث حول المالية العامة السعودية بشكلها المجمل، وسأشير في هذا الصدد إلى دراسة علمية رائعة للدكتور بسام البسام، أصدرتها مجلة جامعة الشارقة في ديسمبر لعام 2020. كان عنوانها: حوكمة الميزانية العامة في المملكة العربية السعودية.

وملخصها يتمثل في التالي: (إن كفاءة عملية الميزانية العامة وفاعليتها تمارس دوراً مهماً في التأثير على الأداء الحكومي، ودعم جودة الخدمات العامة المقدمة للمستفيدين. ولأن المملكة تمر بمرحلة تحول إداري واقتصادي يحتم عليها إعادة النظر بالأدوات والوسائل اللازمة في توجيه هذا التحول، مع التركيز على التطوير في عمليات الميزانيات العامة. فإن نظام الميزانية العامة بحاجة إلى التالي: 1. الحد من الهدر في المال العام. 2. الحد من تعثر المشاريع. 3. تعزيز إنتاجية القطاع العام. 4. تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للدولة).

ثم يتحدث الدكتور عن واقع تطبيق المملكة لمفهوم وعناصر الحوكمة في القطاع العام في عملية الميزانية، وكذلك يتحدث عن الخطوات الواجب اتباعها لحوكمة عملية الميزانية السعودية.

الشاهد من هذا الأمر، أنه بعد اطلاعك على هذه الدراسة البحثية، ستتمكن من بناء تصورات بانورامية حول التغييرات التي حدثت في طريقة بناء الميزانيات الحكومية، وسيكون لديك فهم واضح عن إجراءات الحوكمة التي تحدث حالياً في المالية العامة السعودية ممثلة في وزارة المالية، وسيكون لديك فهم أشمل تستطيع من خلالها إدراك أهمية العمل المؤسساتي ودوره في عملية الميزانية خصوصًا إذا ما ربطته ذهنياً بما يحدث من مشاريع ومبادرات تعمل عليها الوزارة.

وأخيرًا ستتشكل لديك كما يقول الباحث خارطة طريق لحوكمة الميزانية العامة الواجب الوصول إليها بعد الدرب الطويل الذي سنسير فيه في عمليات الإصلاح والتطوير في السنوات القادمة.

عزيزي، إذا قرأت البحث، فأنا أدعوك أن تقرأ بعده وبشكل مباشر، التقرير الذي كتبه الزميل إبراهيم الشيبان في صحيفة الرياض في 14 ديسمبر 2021 حول الركائز الثلاث للميزانية السعودية.

وكذلك بودي أن تطلع على البيان التمهيدي لوزارة المالية لميزانية عام 2022، وبهذه المواد الثلاث سيصبح لديك إلمام شامل - نوعا ما - بإلى أين نسير في ميزانيتنا الحكومية.