كشفت نتائج دراسة محلية أجريت عام 2022 على عينة من أبناء السجناء والمفرج عنهم أن الفئة العمرية بين 18 و25 عاما متأخرة في الالتحاق بالمرحلة الجامعية، وذلك بنسبة 48 %، إذ كان من المفترض أن يلتحقوا بالجامعة إلا أن ذلك لم يحدث نتيجة لعدة عوامل أبرزها سجن ولي الأمر.

مشاكل تعليمية ومجتمعية

وهدفت الدراسة التي أجرتها الباحثة وعضو هيئة التدريس بجامعة بيشة بقسم علم النفس الجنائي وفاء عبدالله الشهري، إلى معرفة أسباب التأخر الدراسي بين هذه الفئة رغم وجود آليات وطنية لتقديم فرص تعليمية استثنائية لهم. وقالت الباحثة: «لا شك أن ذلك يتوافق مع عدة جهود بحثية سواء أكانت عربية أم أجنبية، فالواقع لأبناء السجناء يشير إلى معاناة هذه الفئة من التأخر الدراسي وانخفاض التحصيل الأكاديمي كإحدى المشكلات الشائعة لديهم والمترتبة على الخبرة السلبية التي يتعرضون لها، فأطفال الآباء المسجونين يتعرضون لعدة صعوبات متعلقة بأدائهم الاجتماعي والمدرسي مقارنة بأقرانهم وخصوصا في مرحلة المراهقة».

عوامل مهددة

أكدت الباحثة الشهري أن سجن الأب أحد العوامل المهددة للتكيف والتعايش لدى الأبناء، وعندما يجد الابن أو الابنة أن المجتمع يقابله بالرفض كأفراد موصومين بطريقة تصل إلى نبذهم، وامتداد معاناة الوصم لديهم، وصولًا لاستدخالها في ذواتهم منشأة الوصم النفسي، والذي بدوره يكون عائقًا من تحقيق حياة تنعم بصحة نفسية جيدة وتخلو من مشاعر النبذ للذات والتطور الذاتي، وكل ذلك مترتب على الوصمة لجناية ما، فالإنسان متكامل يتفاعل مع ذاته والآخرين وفقًا لبعد عاطفي يشكل هوية الذات لدى الفرد والتقدير الذاتي لديه، وبعد اجتماعي يشتمل على مدى سهولة تعاملاته الاجتماعية وكونها داعمة أم رافضة له وهذه نتيجة مترتبة على تقويم الفعل الصادر من الفرد بكونه مقبولًا أو مرفوضًا قانونيًا واجتماعيًا في العلاقات الاجتماعية عامة.

بعد معرفي

وتابعت: وبعد معرفي الذي يمتاز بحمل الفرد لأفكار سلبية عن ذاته من خلال أن سلوكياتنا هي نتائج لعمليات عقلية عدّة، وعندما يغلب على الفرد الأفكار السلبية الخاطئة التي تحمل نوعًا من توقع الخطر، وتعميم التجارب السابقة، سيدفع بالفرد إلى تجنب هذه المواقف وإخفاق التعامل معها، وهذا تنبيه مهم لأهمية التعامل مع أفكار الأبناء واتجاهاتهم الفكرية في التنبؤ بالسلوكيات، وجميع تلك العوامل ذات تأثير في تحقيق مستوى دراسي جيد لدى الأبناء.

عرضة للأفكار السلبية

وأضافت: أبناء السجين ذكورًا وإناثًا عرضة للأفكار السلبية التي تغذي مشاعر الخوف لديهم من الاتصال وبناء علاقات اجتماعية مع الآخرين، مما يسبب لهم صعوبات شخصية واجتماعية متمركزة في صعوبة التفاعل مع الآخرين، ولا شك في أن ذلك له تأثير سلبي على أفكار الفرد، ومشاعره، وسلوكياته مما يخل بمعيار التوافق النفسي الجيد.

ولا بد أن نشير إلى مدى تأثير الخبرات السابقة في تشكيل سلوكيات الفرد الحالية، ولا شك في أن هذه المكبوتات تدفع بالفرد إلى محاولات الهروب من أخطار العالم الخارجي، وبالتالي فتقديم المساعدة له تكمن في معرفة المسببات لهذه السلوكيات التي تشكل البنية التي يتم معرفتها من خلال متابعة تجارب وخبرات الشخص، ومن خلال العمل على الربط بينها ربطًا يعين على فهم حقيقتها وبالتالي تعديلها. فتأثيرات سجن الأب على مستويات الصحة النفسية بدءًا من الوصم ومرورًا بالرفض المجتمعي وتداعيات القلق الاجتماعي لدى الفرد، ووصولًا لتفادي مواقف الحياة وكف سلوكياته نحوها بلغ شيوعها ما بين 57 % و68.52 % وهي ذات شيوع متوسط لدى الأبناء.

جهود مبذولة

تقول الباحثة، إن الداعم الأول لهذه الفئة هي اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم تراحم والتابعة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، التي تضم في عضويتها 12 جهة حكومية، وتسعى لحصر أعداد الأبناء في مدارس التعليم العام والعمل على وضع تقدير مبني على إحصاءات تساعد في تقديم المساعدة المناسبة لهم، كما تسعى اللجنة إلى تقديم الإعانة بتوفير فرص استثنائية للأبناء في الجامعات.

وتابعت: لا نغفل عن الإشارة إلى الجهود المبذولة في ظل جائحة كورونا وما شهده التعليم عن بعد من السعي في توفير الحاجيات المساعدة في تسهيل النمط التعليمي عن بعد من خلال تقديم الأجهزة المساندة لذلك، وتقديم الشرائح الإلكترونية مما يساعد على تسهيل الوصول للموارد التعليمية، وتقديم الحقائب الدراسية لطلبة والطالبات، والاهتمام بتقديم خدمات نفسية تحقق التوافق لديهم.

وعدة مشاريع أخرى تساعد في تسهيل النمط التعليمي بما يحقق المواطنة الصالحة لهم، ويضمن المشاركة المجتمعية في ضخ المورد المالي المساعد في تسهيل الوصول إلى التعليم والتعلم.

دور المدارس والجامعات

وحول توقف أبناء السجناء عن الدراسة أو تأخرهم تقول الباحثة، إن ذلك يقع على عاتق الموجه الطلابي في المدارس والمرشد الأكاديمي في الجامعات لدراسة هذه الأسباب واتخاذ حيالها الإجراءات المناسبة وفقًا للشراكة المجتمعية التي يتم تحقيقها بين لجان رعاية السجناء والمدارس والجامعات.

تأثيرات سجن الأب على مستويات الصحة النفسية بلغ شيوعها ما بين 57 % و68.52 %.

الفئة العمرية بين 18 و25 عاما متأخرة دراسيا في المرحلة الجامعية وذلك بنسبة 48 %

التغلب على المشكلة

- يتطلب إجراء دراسات وصفية مسحية تتبعية

- عمل برامج إرشادية لمقدمي الرعاية لهؤلاء الأبناء

- تحقيق الوقاية الفعالة مما يؤدي إلى التصدي للمشكلات التي قد يتعرضون لها