«الأمثال السائرة بين الناس» ورأيت في فهرس (مكتبة ح. حسني عبد الوهاب «كتاباً بهذا الاسم، رقمه 18513، فوجدته يحوي أمثالاً قليلة باللهجة التونسية، مرتبة على الحروف إلى حرف الضاد ثم تنتهي مسرودة سردا، وليس فيه اسم لمؤلفه وهو في 57 ص في الصفحة 17 سطراً، ويظهر أن مؤلفه متأخر، والأمثال تتشابه في الأقطار العربية.
- رسالة في البن، ظننت أن في هذه الرسالة التي برقم 18580 (مكتبة عبد الوهاب) ما يفيد من الناحية التاريخية، غير أنني لم أجد فيها كبير معنى، فهي حديثة الخط والتأليف أيضاً، مخطوطة سنة 1343 بقلم سالم بن سعيد باسودان، ومؤلفها حضرمي لم يذكر اسمه، ولكنه ينقل عن حضارمة وهي بلهجة عامية، وتقع في 29 ص.
وكنت حريصاً على أن أعرف متى بلغت الدعوة الإصلاحية السلفية التي قام بها الإمام محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله- بلاد المغرب، وقد طالعت في كتاب «الترجمانة» للزياني المتوفى سنة 1249هـ طرفاً من ذلك غير محرر ولا محقق، وأورد فيه رسالة لأحد علماء تونس في الرد على الشيخ، فرأيت في «مكتبة ح. عبدالوهاب» رسالة رقمها (18711) بعنوان رسالة في الرد على محمد بن عبدالوهاب أولها: «ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق... أما بعد فإنك راسلتنا تزعم أنك القائم بنصرة الدين».
وآخرها: «وأما إن أطلقت في لجة الغواية سبحاً، وشيدت في الفتنة صرحاً واختلت (؟) عارض رمحك، فإن بني عمك فيهم رماح...»، وظهر لي أن هذه الرسالة هي التي أوردها صاحب «الترجمانة» وهي ليست رداً على الإمام محمد بن عبدالوهاب، بل على الإمام سعود بن عبدالعزيز الذي أرسل إلى المغرب إحدى رسائله في الدعوة إلى العقيدة الصحيحة السلفية.
أما عن تاريخ بلوغ تلك الدعوة إلى هذه البلاد، فقد أشار إلى ذلك الشيخ أحمد بن أبي الضياف (1291/1219هـ) في كتابه «اتحاف أهل الزمان بأخبار تونس وعهد الأمان»، وابن أبي الضياف لم يكن محققاً في ما كتب في الموضوع.
وفي هذا اليوم افتتحت الشركة التونسية للتوزيع معرض الكتاب الجزائري الذي أقامته بمناسبة الأسبوع الثقافي الجزائري، بإشراف وزير الشؤون الثقافية والأخبار، وتكرم الإخوة المشرفون على ذلك المعرض بدعوتي لحضور حفل الافتتاح غير أنني كنت بحاجة إلى الراحة، فلم أخرج من الفندق في المساء حتى حضر إلي الصديق الأستاذ اللمسي بعد ذلك، فقمنا بجولة في شارعي المدينة الرئيسين شارع الحبيب، فشارع محمد الخامس المتفرع منه، ومن نهايته عدنا من شارع باريس إلى حيث بدأنا، فاسترحنا في أحد المطاعم، والمطاعم في أقطار المغرب العربي الثلاثة تتشابه فيما تقدم من المأكولات، وتتقارب من حيث الأثمان.
مما قرأت هذه الليلة:
جاد علي الإخوة بمجموعة من المطبوعات التونسية كان منها كتاب «ورقات عن الحضارة العربية بإفريقية التونسية» للعلامة حسن حسني عبدالوهاب، الذي جمعه الأستاذ الجليل محمد العروسي المطوي، فكان مما قرأت فيه عن كتاب «الشرف الأعلى»: وهنا تجدر ملاحظة، وهي أن من العلماء العرب من اهتم منذ خمسمائة سنة بالنقائش المرسومة على أضرحة مقبرة معينة بطريقة لا تبعد عن الطريقة العلمية التي يسلكها علماء الغرب المختصون بالبحث عن الآثار القديمة، وهذا أحد قضاة مكة المكرمة يعنى بمقبرة المعلى، ويخصها بتأليف مستقل سماه «الشرف الأعلى في ذكر قبور المعلى» ويطوف بنفسه على قبورها قبراً قبراً، وينقل ما هو مكتوب على كل واحد منها بالحرف الواحد، من غير زيادة ولا نقص، كما يشير- عند الاقتضاء إلى أغلاط النقاشين مع التنبيه إلى نوع الخط، والإتيان بترجمة المتوفى استناداً على أوثق المصادر السابقة، كما لا يفوته- متى- توفر له ذلك- التنبيه إلى أن المتوفى لم يمت بمكة، وإنما نقل جثمانه إليها بعد وفاته من المكان الذي مات فيه ولو كان من أقاصي البلاد.
والقارئ لهذا الكتاب يسعه إلا الاعتراف لصاحبه بما لديه من المستلزمات العلمية المشروطة لدراسة النقائش في عصرنا الحاضر.
انتهى كلام الأستاذ حسن عبدالوهاب- رحمه الله- وأضيف إلى أن معاصراً لمؤلف كتاب «الشرف الأعلى، هو مؤرخ مكة الإمام تقي الدين الحسني الفاسي المتوفي سنة 832 قد استفاد من كتابات قبور المعلاة في كتابة (العقد الثمين)، فقد يذكر ترجمة شخص ما نقلا عما قرأ على قبره، كما يحقق نصاً تاريخياً اعتماداً على ما قرأه على حجر مكتوب كإنشاء رباط أو مسجد، أو تعمير عين ونحو ذلك، مما لا نطيل بذكره، ولا تفوت الإشارة إلى أن الكتابة على القبور من الأمور الحرمة، كالبناء عليها وزخرفتها».
1972*
* باحث ومؤرخ وصحافي سعودي" 1910-2000".