في فبراير العام الماضي، أعلنت إيطاليا عن تأكيد أول إصابة بفيروس كورونا داخل أراضيها في بلدة كودونيو وبالتحديد قرية فو، والتي بعدها بدأت حالات الإصابة بالوباء، قالت السلطات حينها إن أول مريض أصيب بالفيروس رجل يبلغ من العمر 38 عاما، وأصيب بالمرض بعد لقاء صديق عاد من الصين. هذه الأنباء بثت الذعر لدى السكان مما دفع بهم إلى تخزين المؤن والبحث دون جدوى عن كمامات في الصيدليات. وبحلول مساء يوم 21 فبراير، توفي أسقف متقاعد يبلغ من العمر 77 عامًا، في منطقة فينيتو وبعدها توفي 22 كاهناً بينهم أسقف في أبرشية بيرغامو (لومبارديا) المدينة التي سجلت أعلى عدد حالات في إيطاليا، وكانت أعمارهم تراوح بين 59 و91 عاماً.

بؤرة المرض

في الأيام والأسابيع التي تلت ذلك، أصبحت لومبارديا المكتظة بالسكان بؤرة تفشي المرض في إيطاليا، حينها أغلقت السلطات في منطقتي لومبارديا وفينيتو الشماليتين، حيث يتركز التفشي، المدارس ومنعت التجمعات العامة وأبلغت الشركات العاملين في المناطق الأكثر تضررا بالبقاء في منازلهم. وتشكل المنطقتان القلب الصناعي لإيطاليا وتساهمان بنحو 30 % من الناتج المحلي الإجمالي.


بداية الهلع

غداة وفاة أدريانو تريفيسان، تصدرت اخبار الفيروس الصحف الإيطالية تحت عناوين مثل «إيطاليا تخشى انتقال العدوى» و«خوف في الشمال». لكن الخوف الحقيقي استولى فعلا على الإيطاليين في السابع والثامن من مارس، حين فرضت تدابير الحجر المنزلي على عشرة ملايين نسمة، وسط زيادة حادة في الإصابات في شمال البلاد ولا سيما في لومبارديا.

مع كل هذه الاحداث كان رئيس الوزراء الإيطالي كان لا يزال يطمئن المواطنين قائلا «كل شيء تحت السيطرة».

الهروب

رغم محاولة الحكومة طمأنة فر آلاف السكان من بلدة كودونيو الموجودة في الشمال متوجهين إلى الجنوب بعد أن قضى الفيروس على 26 شخصا كان جميعهم معرضون لحمل العدوى، ويوجد بينهم مصابين بالمرض.

المواجهه

قال الدكتور لوكا روسيتو، أحد الممارسين في فو: «كان هناك شعور بالحيرة.. كان هناك ارتباك مطلق». استعرض روسيتو الحالات الأخيرة التي عاينها وأدرك أنه شاهد سبعة أشخاص في الأيام السابقة يعانون من أعراض تشبه الالتهاب الرئوي.

ثم طالبت عالمة الفيروسات بجامعة بادوا أندريا كريسانتي، بتوفير الأدوات اللازمة لمواجهة الوباء القاتل وشجعت الحكومة على ضرورة إجراء اختبارات كورونا بسرعة فائقة.

أدركت كريسانتي أنه ستكون هناك ضرورة قصوى لإجراء فحوصات كورونا في المدينة بأكملها فور تأكيد العدوى مرة أخرى بعد أسبوعين. وقدمت رؤيتها نظرة ثاقبة مبكرة حول كيفية انتشار الفيروس، وقالت حينها إن ما طالبت به «لم تتم ترجمته على أرض الواقع بشكل صحيح»

الصدمة الأولى

أظهرت نتائج الحملة الأولى من اختبارات مسحة الأنف، في 27 فبراير، أن ما يقرب من 3٪ من السكان أصيبوا بالعدوى. وأشارت إلى أن الفيروس كان ينتشر في البلدة منذ نهاية يناير، بحسب كريسانتي، التي أوضحت «بهذه البيانات، يجب أن تأمر السلطات بإغلاق كل من فينيتو ولومبارديا على الفور». لكنها أوضحت أن صانعي القرار «لم يدركوا حجم المشكلة» بحلول نهاية مايو، أصيب أكثر من 232684 شخصًا، معظمهم في الشمال، وتوفي 33415 شخصًا. اما أكتوبر، كانت إيطاليا تكافح انتعاشًا أثبت أنه أكثر فتكًا من ذروة الربيع، حيث وصل عدد القتلى الآن إلى ما يقرب من 95000. الان ايطاليا تعتبر من اكثر الدول تضررا بالوباء حيث اصيب فيها 2،809،246 وتوفي نحو 95718

تحقيق

يشير العديد من السياسيين اليوم إلى أن اتخاذ قرارات صارمة حينها كانت صعبة للغاية نظرًا لأن هذه الإجراءات تأتي بتكلفة اقتصادية واجتماعية باهظة وتنتهك الحريات الشخصية. حتى إن هناك تحقيقًا جنائيًا يستقصي اليوم حقيقة ما إذا كان المسؤولون الإيطاليون قد تقاعسوا وتأخروا وقتًا طويلاً لإغلاق بلدتين في لومبارديا، قبل تفشي الوباء.