العام الماضي، أعلنت وسائل الإعلام الصينية أن مدينة تشنجدو عاصمة مقاطعة سيشوان هي أفضل المدن للعيش في الصين، ولأنها المدينة التي تقع فيها جامعتي وأعيش فيها، شدني الفضول لمعرفة الأسباب التي جعلتها تصبح الأفضل للعيش داخل الصين، وجدت أن أحد أهم الأسباب هو البنية التحتية، وقد اعتمدت الدراسة الاستطلاعية التي استمرت 4 أشهر وشملت 30 مدينة على 12 عاملا رئيسيا وهي: درجة الجاذبية، الثقافة الحضرية، البيئة الحضرية، نوعية الناس، الأمن العام، الطابع الحضري، النزاهة، الكفاءة الحكومية، قيمة الاستثمار، إمكانات التنمية، التدويل.
وقبل حتى أن أعرف الأسباب، فإن حصولها على هذا المركز لم يفاجئني كثيرا، لأني زرت العديد من المدن داخل الصين، ولم أجد أي مدينة توازيها في البنية التحتية، وكنت أشعر بالراحة فيها أكثر من أي مدينة أخرى.
برنامج جودة الحياة 2020، والذي أقرته السعودية كخطة عمل، هو طريقنا كي ننعم بالعيش في مدن تعد من أفضل المدن للعيش على مستوى العالم، ولذلك أحد أهم المبادرات التي أتمنى ألا يغفلها برنامج جودة الحياة، هو الاهتمام بالبنية التحتية: الشوارع الجيدة، الأرصفة المناسبة للمشاة، مواقف السيارات، تنويع سبل المواصلات العامة التي تناسب الجميع.
خلال العقود الماضية، كانت مشاريع البنية التحتية غير متوافقة مع الميزانيات الضخمة التي أعدت من أجلها، كان هناك نوع من عدم التنسيق بين مقدمي الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والصرف الصحي، وبينما نجد دولا أقل إمكانات منا يصلهم الغاز حتى شققهم، مهما كانت مرتفعة في أشهق الأبراج، ونحن ما زلنا رغم كل ميزانيات الحكومة، ولكن لسوء التخطيط نتعشم عناء حمل وتبديل أسطوانات الغاز المعدنية.
نصت وثيقة برنامج جودة الحياة على أن يكون التنفيذ من 2018 -2020 لعدة برامج، ولكن سأسلط الضوء على البرنامج الأهم -من وجهة نظري- وهو البنية التحتية والتنقل والإسكان والتصميم الحضري والبيئة، فهي البداية لتحسين جودة الحياة في السعودية.
مللنا من الشوارع المهترئة والأرصفة التي بنيت لكل شيء إلا للمشي، الجميل أنه في هذا البرنامج تم اعتماد مؤشرات مهمة يعتمد عليها مثل التصنيف العالمي لقابلية العيش، الذي يصدر من «ذَا أيكونيميست إنتلجنس يونت» الذي يصنف 140 مدينة على مستوى العالم حسب جودة الحياة الحضرية فيها، ونحن في السعودية جديرون بأن يكون لدينا على قائمة أفضل 100 مدينة للمعيشة على مستوى العالم، على الأقل في العامين القادمين.
ويعتمد المؤشر أيضا مسح «ميرسر» لجودة الحياة، ومؤشر السعادة العالمي، ومؤشر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومؤشر ARRB، وهذا ما أعطاني الثقة بأنه بدأنا أول خطوة على الطريق الصحيح، بعد أن أمضينا عقودا من بناء بنية تحتية لا تناسبنا، ولم توفر لنا جودة الحياة التي نرجوها من إنفاق الميزانيات الضخمة عليها.
عام 2020 قريب، أتمنى أن نرى ولو مدينة سعودية واحدة على قائمة أفضل 100 مدينة للعيش، وهذا يحتاج كثيرا من الجهد المضاعف، وتحقيقه ليس بالأمر السهل، ولكن كلنا ثقة في هذا البرنامج الذي لن يخيب آمالنا في أن ننعم بمدن تتمتع بكل الإمكانات.