ما هو العذر لأن تبدأ شركة الطاقة الشمسية المزمع تشغيلها قريبا، وليست لدينا كوادر بشرية وطنية متخصصة في الطاقة الشمسية، ومن سيشغل هذه الوظائف

خلال جولة ولي العهد محمد بن سلمان، في الولايات المتحدة وفرنسا، دائما ما يؤكد أن المملكة العربية السعودية لم تستغل سوى 10% من قدراتها وإمكاناتها.
أحد أهم هذه الإمكانات التي تملكها السعودية، ولم تستثمرها بعد، هي الطاقة الشمسية.
لدينا وفرة من المواد الخام المستخدمة في صناعة الألواح الشمسية، مثل السيلكا والزجاج والنحاس، لدينا موقع جغرافي مشعّ بالشمس القوية الملتهبة، خاصة في فصل الصيف، ولذلك قام ولي العهد -حفظه الله- بتوقيع اتفاقية لبناء أكبر مشروع طاقة شمسية في العالم، بتكلفة تصل إلى حوالي 200 مليار دولار، ينتج 50% من الإنتاج العالمي، وتأسيس شركة خاصة لإدارة المشروع، وهنا يأتي السؤال: هل لدينا الكوادر الوطنية المؤهلة والكافية للعمل فورا في هذه الشركة عندما تفتح أبوابها للتوظيف؟ هل لدينا مهندسون سعوديون متخصصون في الطاقة الشمسية؟ كم عدد المهندسين الوطنيين المتخصصين في هذا المجال؟ وجامعاتنا السعودية كم لديها من كليات تؤهل طلابها في هذا المجال؟
عند تأسيس شركة أرامكو السعودية عام 1933، في ذلك الوقت لم تكن لدينا جامعات سعودية، ولم يكن لدينا أضخم برنامج ابتعاث في العالم، لم يكن لدينا جيل شاب مستعد لانتهاز الفرص الوظيفية المستقبلية متى ما سنحت له، ولذلك لا يعيب على شركة أرامكو ولا حرج عليها أن تبدأ بكوادر أجنبية من كل دول العالم، ثم بدأت تدريجيا بإحلال السعوديين المؤهلين في وظائف الأجانب بالشركة، حتى أصبحت شركة أرامكو فخر الكوادر الوطنية السعودية، ومنصة ضخمة لصناعة القيادات الشابة الذين يخرجون منها لديهم المهارات لتبوؤ مناصب قيادية في أهم الشركات والقطاعات الحكومية، ولكن هذا نتاج 80 عاما من التأهيل وبرامج الابتعاث والدورات والخبرات.
شركة الكهرباء السعودية مرت أيضا بتجربة أرامكو نفسها، ولا ننسى سابك أيضا مرت بالتجربة نفسها، ولكن ما هو العذر لأن تبدأ شركة الطاقة الشمسية المزمع تشغيلها قريبا، وليست لدينا كوادر بشرية وطنية متخصصة في الطاقة الشمسية، ومن سيشغل هذه الوظائف، في هذا العهد الذي أصبح لدينا أكبر نسبة من الشباب، وعدد كبير من الجامعات في كل المناطق، وأضخم برنامج ابتعاث في العالم، ولكن عندما تعلن الحكومة عن مشروع مثل مشروع الطاقة الشمسية، نكتشف أنه ليس لدينا العدد الكافي من المؤهلين ولا أعتقد حتى بنسبة 5% من احتياج شركة الطاقة الشمسية من الموظفين، ونأتي لنؤسس هذه الشركة عام 2019 وكأننا نؤسس شركة أرامكو عام 1933.
قبل أسبوعين، اقترحتُ على سعادة الدكتور جاسر الحربش، وكيل وزير التعليم للابتعاث والمشرف العام على الملحقيات الثقافية، بأن يتم استثناء تخصص هندسة الطاقة الشمسية من قائمة أفضل 100 جامعة، أو قائمة أفضل 50 جامعة، وأن من يحصل على قبول في هذا التخصص في أي جامعة موصى بها يتم قبوله في برنامج الابتعاث، إذا ما انطبقت عليه الشروط، وهذا الاقتراح لأني رأيت بنفسي كثيرا من الشباب هنا في الصين يحاولون الحصول على قبول لدراسة هندسة الطاقة الشمسية، ولكن شرط أفضل الجامعات يقف عائقا أمامهم، ولذلك بما أن جامعاتنا في السعودية ليست لديها برامج بكالوريوس لتعليم هندسة الطاقة الشمسية حتى الآن، وهناك ندرة في الجامعات التي تقوم بتعليم هذا التخصص على مستوى العالم، ولدينا ندرة من المتخصصين في هذا المجال، فإنه من المناسب استثناء هذا التخصص، ودعم الراغبين في دراسته، بل وحث الجامعات السعودية على فتح هذا البرنامج، فنحن قادمون ليس لبناء مشروع للطاقة الشمسية فحسب، بل لبناء أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم، والذي هو بحاجة إلى عدد لا يقل عن 100 ألف موظف يكون منهم على الأقل 10 آلاف مهندس، و50 ألفا من الفنيين، وهذا يحتاج إلى مضاعفة الجهود لتوطين هذه الشركة في أسرع وقت ممكن، فكل العوامل لتوطينها لدينا، ولكن نحتاج فقط إلى تنسيق جيد وحكيم بين إدارة هذا المشروع وبين الجامعات السعودية والمسؤولين عن برنامج الابتعاث.