كمثال على احتياج القطاع الهندسي للكوادر النسائية الهندسية لو نظرنا إلى القطاع الصحي وحده نجده بحاجة إلى عدد من خريجات هندسة الأجهزة الطبية

صدور موافقة المقام السامي الكريم باستحداث كلية هندسة للبنات بجامعة الأميرة نورة خطوة تاريخية وجبارة نحو مستقبل هندسي رائع للبنات، خطوة تغيير تتبع خطوات التغيير الإيجابية في مجال الهندسة النسائية التي استحدثت عدة جامعات سعودية كليات لها خلال السنوات الأخيرة مثل جامعة الملك عبدالعزيز التي أسست كلية الهندسة للبنات عام 1433 بتخصصات الهندسة الكهربائية والهندسة الصناعية وهندسة الحاسبات وهندسة التصميم الداخلي، ومثل جامعة الملك فيصل التي افتتحت كلية هندسة للبنات الهندسة الطبية الحيوية وهندسة الحاسب، وجامعة الدمام أيضا لديها كلية هندسة للبنات، تشمل تخصصي هندسة الطب الحيوي وهندسة الحاسب، وكل هذه الجامعات التي أسهمت في بناء مستقبل القطاع الهندسي النسائي بالسعودية، تسهم أيضا في مشروع توطين القطاع الهندسي السعودي، حيث أبرزت آخر الإحصاءات أن إجمالي عدد المهندسين المسجلين في هيئة المهندسين بالسعودية 230 ألفا 92% منهم غير سعوديين، وهذا مؤشر خطير يدل على عدم مواءمة مخرجات التعليم الجامعي مع سوق العمل، ويدل في نفس الوقت على فرص كبيرة للفتيات والشباب السعودي للخوض في مجال الهندسة لمن لديهم الرغبة والشغف بهذا المجال.
ندرة المهندسين والمهندسات السعوديين في القطاع الهندسي السعودي الذي يشغله أكثر من 90% من الوافدين يشبه تماما قطاع التعليم السعودي في السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، حيث كان قطاع التعليم في ذلك يعاني من نقص شديد في الكوادر التعليمية المؤهلة، وبجهود وزارة التعليم العالي تمت معالجة هذا النقص خلال وقت قياسي، وأصبح التعليم العام السعودي يعتمد على ذاته، وهناك خطوات سريعة لتوطين القطاع الأكاديمي خلال السنوات القادمة، وهذا ما أتمنى أن أراه في القطاع الهندسي الذي يعد من أهم مرتكزات تنمية الوطن، ومن أهم قطاعات تحقيق رؤية المملكة 2030، ولذلك يجب علينا قبل كل شيء أن نعي أن ندرة المهندسين ليست أزمة سعودية فقط، بل هي تحدّ عالمي يواجه صعوبات ندرة المهندسين، وذلك لعدة اعتبارات، أولها هو شروط القبول في كليات الهندسة، وهذه الشروط لا تقبل التنازل عنها لرفع جودة مخرجات الكوادر الهندسية والذي لا يجب أن تتم تغطيته بكوادر هندسية غير مؤهلة لأن ذلك يتعلق بسلامة وأمن البشر، ومن هنا تبدأ الصعوبة في تحقيق النسب المطلوبة من خريجي الكليات الهندسية، حيث تجد كليات الهندسة السعودية نفسها كل عام تقبل عددا محدودا جدا، ورغم بعض التنازلات في شروط القبول بما لا يؤثر على جودة التعليم الهندسي إلا أن نسب الخريجين مازالت متدنية، ونحتاج لو استمررنا على هذه النسب من الخريجين إلى عشرات السنين حتى يتم توطين القطاع الهندسي السعودي، ولذلك صدور الموافقة السامية على استحداث كلية هندسة للبنات في جامعة الأميرة نورة يسهم في تغطية نسبة العجز ما بين احتياج القطاع الهندسي في السعودية وعدد خريجي الكليات الهندسية في الجامعات السعودية وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي.
وكمثال على احتياج القطاع الهندسي للكوادر النسائية الهندسية لو نظرنا إلى القطاع الصحي وحده نجده بحاجة إلى العديد من خريجات هندسة الأجهزة الطبية، هذا التخصص الهام الذي نكاد لا نجد مهندسة سعودية واحدة تعمل فيه، ولو وجد فإني لا أعتقد أن نسبتهم تتجاوز 1% من احتياج القطاع الصحي من المهندسات في هذا المجال. ولذلك يجب على كافة الجامعات السعودية المساهمة في فتح مجال التعليم الهندسي أمام الفتيات السعوديات للعمل على تغطية احتياج القطاع الهندسي.