يعد مشروع جسر الملك سلمان بمثابة حلم للقائمين والمخططين لمشروع طريق الحرير الصيني، وقد يكونون أكثر من يتمنون تنفيذه بل قد يسهمون في إنشائه
إعلان السعودية ومصر عزمهما على إنشاء مشروع جسر الملك سلمان الذي يربط قارة آسيا بإفريقيا، كان نقطة تحول في خريطة طريق الحرير الصيني الجديد الذي تم الإعلان عنه في أبريل من عام 2015، وهو عبارة عن ثلاثة طرق، أحدها هو الطريق البري الذي ينطلق من الصين مرورا بباكستان حتى يصل إلى دول الخليج، ومن ثم للوصول إلى مصر ودول شمال إفريقيا، يتعثر بعقبة إسرائيل، فيضطر أن يغير اتجاهه عبر بلاد الشام وأوروبا، ولتنفيذ هذا الطريق بادر الرئيس الصيني خلال زيارته لجمهورية مصر العربية الشقيقة في يناير من العام لتوقيع اتفاقية مع الرئيس السيسي على انضمام مصر لشبكة طريق الحرير الذي تعتزم الصين إنشاءه بتكلفة 47 مليار دولار، والذي يبدأ من الصين ويمر عبر تركستان وخراسان وكردستان وسورية وأوروبا إلى مصر ودول شمال إفريقيا، مؤملة أن ترفع الصين حجم استثماراتها مع الدول العربية من 240 مليار دولار إلى 600 مليار دولار، وتستهدف رفع رصيدها من الاستثمار غير المالي إلى أكثر من 60 مليار دولار، والوصول بحجم تجارتها مع إفريقيا إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2020.
لذلك كان الإعلان عن جسر الملك سلمان بمثابة نبأ سعيد للحكومة الصينية بأن يختصر عليها الطريق نحو إفريقيا، فبدلا من أن تذهب إلى إفريقيا عبر أوروبا، وجدت نفسها أمام فرصة جديدة متكاملة للوصول إلى إفريقيا مباشرة عبر جسر الملك سلمان، ومشروع نيوم الذي أعلن ولي العهد محمد بن سلمان أنه سوف يقام على مساحة 26,500 كيلو متر مربع تربط السعودية بمصر والأردن، هو أيضا تأكيد آخر أن مشروع نيوم سيكون طريقا محتملا جديدا لخارطة طريق الحرير الصيني الجديد، حتى لو تأخر مشروع الجسر الذي يربط السعودية بمصر بسبب التحديات الهندسية التي تواجه المشروع كما ذكر بعض المهندسين بأن الجسر يصعب تنفيذه على أرض الواقع نظرا لطول المسافة الصافية بين بغلتي الجسر المعلق، بل ويعتبرون تنفيذ هذا المشروع تحديا هندسيا خارج المعرفة الهندسية في الوقت الحالي.
عند وصول طريق الحرير الصيني الجديد لدول الخليج ومن ثم لشمال السعودية ستكون لديه ثلاثة طرق للمواصلة نحو إفريقيا، الطريق الأول كما هو مخطط له الآن وتم اعتماده في الاستراتيجية وتم توقيع اتفاقيات لتنفيذه، من بينها توقيع اتفاقية مع مصر في مطلع عام 2016 بأن يتجه شمالا نحو تركيا ومن ثم أوروبا ومن ثم عبر البحر الأبيض إلى مصر وهذا طريق ممكن التنفيذ قبل أن يتم إعلان مشروعي جسر الملك سلمان ونيوم نظرا لوجود إسرائيل كعقبة على اختصار الطريق ما بين آسيا وإفريقيا، ولكن بعد إعلانهما أصبحت هناك خيارات أسهل بكثير مما وضع في الاستراتيجية لطريق الحرير الصيني الجديد، فالطريق الثاني الذي وضعته الصين في احتمالاتها هو جسر الملك سلمان في حال تنفيذه، فهو يختصر المسافة نحو إفريقيا بشكل كبير لا يمكن تحقيقه بالطريقة الأولى، ويعد مشروع جسر الملك سلمان بمثابة حلم للقائمين والمخططين لمشروع طريق الحرير الصيني، وقد يكونون أكثر من يتمنون تنفيذه، بل وقد يسهمون في إنشائه بمقابل التصريح لهم باستخدامه كمعبر هام للصادرات الصينية نحو إفريقيا، والطريق الثالث هو مشروع نيوم فهو بمثابة ربط ثلاث قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا، وهو حل مثالي آخر لطريق الحرير الصيني الجديد، بل سيكون مرور هذا الطريق عبر مشروع نيوم هو المحرك الأساس لاقتصاد المشروع، وخاصة في مجال تمرير الصادرات، فكل الأشياء تأتي من الصين، وتفوقت الصين مؤخرا في صادراتها لتصبح أكثر بالثلث من منافستها أميركا التي تراجعت فأصبحت بوصلة الاستيراد والتصدير كلها نحو الصين وأن يكون مشروع نيوم هو معبرا لطريق الحرير الصيني الجديد والصادرات، فهذا يعني أن نقاط الجذب للمشروع ستتضاعف، وسيكون المشروعان نيوم وطريق الحرير رافدين لبعضهما ويحققان الكثير من الأهداف التي أسس من أجلها المجلس السعودي الصيني الأعلى. وكما قالها ولي العهد محمد بن سلمان: «سنتفاوض فقط مع الحالمين». ومشروع طريق الحرير الصيني الجديد من أكبر أحلام جمهورية الصين.