آن لنا أن نضرب بيد من حديد على أيدي هذه الدولة المارقة يا أبا فهد.. آن لأصحاب الأطماع الخبيثة في بلادنا أن يقفوا عند حدهم، آن لنا أن نتبادل المقاعد معهم فيقفون مكتوفي الأيدي أمام حزمنا
ما أطول تندر المواطن العربي باكتفاء بلاده بالشجب في مواجهة انتهاكات الدولة الإيرانية التي لا تمت بصلة للدين أو الإنسانية.
كان الموقف صعبا أمام صانع القرار السعودي، فليس من أخلاق المملكة أن تبادر بدق طبول الحرب تجاه دولة يفترض أنها إسلامية، كان الموقف بالغ الحرج بالنسبة إلى بلد فيه قبلة المسلمين، ويتطلع إليه العالم الإسلامي بوصف قادته زعماء الأمة الإسلامية، لذا كان الرد دائما لا يتجاوز حدود الشجب، أو على أكثر تقديراته السعي من أجل الدفع في خط موقف دولي موحد يضغط على قيادة هذا البلد أو ذاك، من أجل مصالح الشعوب التي كانت تتطلع دائما إلى تدخل المملكة بما تمثله من ثقل كبير في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.
مسؤولية كبيرة كانت تواجهها المملكة، ممثلة في قيادتها ووزارة خارجيتها التي خاضت مناورات دبلوماسية استثنائية في كثير من المواقف التي لم يكن التدخل العسكري فيها حلا يليق بمكانة المملكة، أو بسياستها الأخلاقية التي كبدتها الكثير من المتاعب وحملتها الكثير من الهموم، لكنها كانت الطريق الصعب الذي اختارته المملكة عن طيب خاطر حتى تبقى دائما عند حسن ظن أمتها وعند حسن ظن العالم بها، بوصفها ممثلة للدين الإسلامي وللعالم الإسلامي.
ولأن خصم المملكة لم يكن شريفا أبدا في خصومته، ولأنه لم تكن لديه تلك المنظومة القيمية الضابطة لسلوكه، فقد وجد في التزام المملكة هذا فرصة للتوغل والتغول وكسب المزيد من المساحات على الأرض وانتهاك الأعراف والمواثيق الدولية، وضرب أسافين الشقاق وزرع القلاقل في المجتمعات العربية بدعوى حماية الأقليات الشيعية، والكذب والافتراء على المملكة في وسائل الإعلام والمحافل الثقافية والسياسية الدولية، والتآمر لزرع عناصره في أنظمة الحكم في العراق ولبنان وسورية واليمن، فضلا عن السعي لاختراق الجبهات الداخلية في بلدان أخرى بالمنطقة بتجنيد عناصر تابعة للدولة الإيرانية، سواء بالتخابر، أو بالتبعية المذهبية، الأمر الذي لم يكن في وسع المملكة مجاراته، وهي الدولة التي لا استعداد لديها للتآمر على جاراتها وشقيقاتها.
وللسبب الأخلاقي نفسه الذي من أجله اكتفت المملكة بدور الوسيط بين فرقاء المشهد السياسي المحتقن في اليمن، ودعتهم للجلوس على طاولة الحوار، أيضا لم يكن في وسع المملكة أن تقف مكتوفة اليدين، وهي الدولة القوية، أمام استغاثة النظام الشرعي في الشقيقة اليمن ومطالبته إياها بالتدخل لإنقاذ البلاد من عصابة سعت لابتلاع اليمن وإرهاب أهله بقوة السلاح.
ومن سوء طالع هذه العصابات البائسة أن يحدث هذا وسلمان بن عبدالعزيز على رأس الدولة السعودية، سلمان بن عبدالعزيز المسكون ببطولات المؤسس ووريث حكمته ومواقفه وشجاعته، سلمان بن عبدالعزيز حصن دينه المنيع، ما كان ليتردد في إصدار الأمر لقواتنا العسكرية بالتحرك لإنقاذ اليمن والمنطقة من هذا المد الإيراني الغاشم، ومن حوله قادة الأمة العربية الذين وضعوا جيوشهم تحت تصرف بلاد الحرمين وخادم الحرمين في مشهد أخوة أيقظ مشاعر كنا نحسبها قضت نحبها، فسبحان المحيي.
آن لنا أن نضرب بيد من حديد على أيدي هذه الدولة المارقة يا أبا فهد.. آن لأصحاب الأطماع الخبيثة في بلادنا أن يقفوا عند حدهم، آن لنا أن نتبادل المقاعد معهم فيقفون مكتوفي الأيدي أمام حزمنا، لا يملكون إلا الشجب، فلتضرب أبا فهد، وليشجبوا.