جامعة جازان بوابة المدينة ووجهها الأول، والأبرز علميا وإعلاميا وثقافيا. كان لها الفضل في أن تتبدل الصورة القديمة التي كنت أحملها من ذكريات الطفولة عن هذه المدينة القافزة نحو العالمية. كانت مدينة بسيطة ذات خدمات متواضعة. سكانها يسهرون يرقبون القمر، ويجاورن البحر، تارة عشاقا وأخرى كادحين، وثالثة متأملين فضاءات هذه المدينة البسيطة. يحاولون تعويض تلك البساطة بحبهم وكرمهم للقادم إلى مدينة الفل والشعر.
كانوا -ولا زالوا- يحتفون بالقادم إلى أرضهم، يطوقونه بالشعر، وينظمون له من الفل قلائد الحب والألفة.
كان لجامعة جازان فضل في أن أرى جازان المدينة الرابضة على شواطئ أنيقة، وطرقات ستعبر بها لتكون من أعظم المدن السعودية ولا أبالغ إن قلت: الخليجية.
جازان: جامعتها وناسها وثورتها التنموية تنبئ عن مدينة عظمى قادمة. رأيت توافقا بين الناس في الشارع. في الجامعة. وبين ما يحصل في مدينتهم من تطور، فهم مرحبون قابلون لهذا المد التنموي الحضاري الاقتصادي القادم نحوهم. هم يسيرون بأنفسهم نحو التطور مع حفاظهم على قيم وأصالة المكان، واحترامهم ما وجدوا عليه آباءهم من حب للناس والحياة والتاريخ والجمال.
كم أسعدني مستوى الوعي والشعور بالمسؤولية بين طلاب الجامعة!، وكيف أنهم يتعاملون برقي وتقدير واحترام للمرأة وحقها في ممارسة حياتها بتلقائية وطبيعية تشعرها أن هؤلاء الفتية أبناؤها وإخوتها وكأنني أسير في مدينة ليست من مدننا.
أبهجني الجيل الجديد حين وجدته مرتبطا بموروث أجداده: رقصاتهم، ملبوساتهم، لهجتهم الشاعرية الرقيقة، كنت أقف عند كل كلمة أسمعها من القاموس الجازاني وأتأملها وأكررها، لأجد فيها كمّا من الفتنة والجمال والغواية التي تتناسب وأهل الشعر والحب.
شعرت من ساعة اللقاء الأولى بيني وبين هذه المدينة الفاخرة أنني مرتبطة بها ارتباطي بدمي، قريبة من أناسها مذ تكونت حروف اسمي. ومن هنا أيقنت أن شعر إبراهيم مفتاح وتفاصيل يومي الكامل المبهج الذي منحونيه في جامعة جازان، وقهوة نايف كريري وزوجته مريم الزهراني كانت تنبيها وإنعاشا للحب الساكن في قلبي لجازان وأهل جازان ومساءاتها.
جازان مساحات السخاء، ومسافات العطاء، وأمواج الحب الذي يأخذ القلوب في مد جميل نحو الحياة.
جازان التي قال عنها أحمد السيد عطيف:
جازان يوم وداعنا ختمت على أعماقنا إن الهوى أخلاق.