أبها: الوطن

اكتسبت الرياض أهمية تاريخية وسياسية وتجارية منذ أن كانت مدينة قديمة، وعاصمة لإقليم اليمامة، ولا تزال مسرحاً لعديد من الأحداث السياسية والاقتصادية والثقافية، ونالت لقب عاصمة الثقافة العربية في عام 2000، وعاصمة الإعلام العربي في 2019، واستضافت عديدا من المؤتمرات والقمم المحلية والخليجية والعربية والعالمية.

وتعد الرياض واجهة السعودية السياسية والاقتصادية، حيث تحتوي على مقار المؤسسات السيادية في الدولة، ومجلسي الوزراء والشورى، إضافة للوزارات والهيئات الحكومية والعسكرية، وهي عبارة عن مركز مالي حيوي يضم هيئة السوق المالية والسوق المالية السعودية ومقار المصارف وشركات الاستثمار، وتشكل المدينة ساحة عمل مفتوحة لعدد من المشاريع الكبرى في السعودية، مثل مركز الملك عبدالله المالي ومشروع مترو الرياض وغيرها من المشاريع الواعدة التي تبنتها رؤية المملكة 2030 لمستقبل العاصمة.

نقطة محورية

تمتلك الرياض مقومات سياحية وثقافية كبرى من مواقع تاريخية في مقدمتها الدرعية، ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي، والمتحف الوطني السعودي، ومركز الملك فهد الثقافي، ومكتبة الملك فهد الوطنية، والجامع الكبير، وقصر المصمك، إلى جانب أحد مواقع التراث العالمي المسجلة في اليونيسكو (حي طريف) بالدرعية، حيث تقام في الرياض سنوياً عدد من المهرجانات والأحداث الثقافية والترفيهية، مثل المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية)، ومعرض الرياض الدولي للكتاب وغيرها من الفعاليات على مدار العام.

واستبدلت الرياض حلتها بحلة جديدة، منحتها تميزاً يليق باسمها ويضعها في المكان المناسب، وسجلت حضورها عالمياً وإقليمياً في مختلف الشؤون السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والرياضية، وباتت نقطة محورية لأهم الاحداث العالمية ولاعباً أساسياً في ملعب السلام العالمي الذي دأبت ولا تزال تسجل حضورها في هذا الجانب بشكلٍ مشرف منحها الريادة على المستوى الدولي منذ استعادتها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وقاد مسيرة التنمية فيها على مدى أكثر من ستة عقود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عندما كان أميراً لمنطقة الرياض، حيث أدار بمهارة واقتدار دفة قيادتها وفق أحدث أسس التطوير الشامل في تطوير المدن الكبرى، وأصبحت المدينة بمجملها إنجازاً متميزاً بجميع المقاييس على المستوى العالمي.

وتشهد الرياض حالياً عديداً من المشاريع الضخمة لتقدم خيارات متنوعة رياضياً وثقافياً وفنياً وترفيهياً لسكان الرياض وزوارها، والإسهام في تحسين جودة الحياة في المدينة، بما يتوافق مع أحد أهداف رؤية المملكة 2030 برفع تصنيف الرياض بين نظيراتها من مدن العالم.

القطاع الاقتصادي

يُنظر إلى الرياض بوصفها المشهد الرئيس الذي يعكس رؤية السعودية 2030، إذ تستهدف المشاريع الكبرى 49% من أراضيها، حيث يقع على الطرف الجنوبي الغربي منها مشروع القدية، إحدى أكبر الوجهات السياحية الرائدة في المملكة، إضافة إلى قطار الرياض الذي يُعدُّ الأول من نوعه في المملكة، والثاني على مستوى دول الخليج العربية، وفي وسط الرياض يقع مشروع حديقة الملك سلمان، التي ستكون عند اكتمالها أكبر حدائق المدن في العالم، بمساحة تتجاوز 16كم2. ووفقا لموسوعة السعودية الرقمية «سعوديبيديا»، تُعدُّ مدينة الرياض من أكثر المدن السعودية تنوعًا في القطاع الاقتصادي، ويُعدُّ قطاع الصناعات التحويلية من قطاعاتها الإنتاجية البارزة، وذلك لضمها مدينتين صناعيتين، إذ تبلغ نسبة الصناعات التحويلية فيها نحو 3.44% من الإجمالي الوطني.

النمو العمراني

تتصدر الرياض مدن المملكة في معدلات القوة الشرائية التي تحدد مستوى رفاهية السكان، والقدرة على قيادة اقتصاديات العمل، حيث بلغ متوسط الصرف الأسبوعي فيها خلال سبتمبر 2020م، من خلال نقاط البيع نحو 2.855 مليار ريال، وهو ما يعادل مجموع قيمة الصرف الأسبوعي في 97 محافظة سعودية. وبالنظر إلى الحركة اليومية لمطار الملك خالد الدولي، تُصنَّف الرياض بأنها منطقة أعمال، إذ تستقطب أثناء أيام العمل عددًا كبيرًا من الأشخاص، وقد وصل متوسط الرحلات اليومية فيها خلال عام 2018م، إلى 583 رحلة.

ووُصفت الرياض في سبعينيات القرن العشرين بأنها أكبر ورشة في العالم، لتسارع وتيرة النمو العمراني فيها، وكانت حتى مطلع الثمانينيات، تستخرج ضمن حدودها في اليوم الواحد 100 رخصة بناء، وهو معدل مرتفع مقارنة بالمعدلات العالمية.

اتجاهات حديثة

استضافت مدينة الرياض أعمال قمة العشرين لعام 2020م، كما تضم مقر شركة «سابك»؛ إحدى أكبر الشركات العامة في العالم والمدرجة على قائمة Fortune Global 500، وعلى أرضها الوزارات الحكومية والبعثات الدولية والمنظمات العالمية والسفارات، وهي مقر مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ووفقًا للاتجاهات الحديثة في إدارة المدن، تُعدُّ الرياض أيقونة تتطور نتيجة عمل دوائر متحدة منذ أكثر من 50 عامًا، في ظل إدارة الهيئة الملكية لمدينة الرياض التي ترتبط تنظيميًّا بالملك وولي عهده، ويرأس مجلس إدارتها الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.

وضمن مشاركته في الدورة الرابعة لمبادرة مستقبل الاستثمار، أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عن رؤية مدينة الرياض، قائلًا: «كل الخصائص التي تمتلكها الرياض تعطي ممكّنات لخلق وظائف ونمو في الاقتصاد واستثمارات، إضافة إلى عديد من الفرص، لذلك ننظر للرياض بعين الاعتبار».

وتستهدف رؤية السعودية 2030 أن تكون الرياض من أكبر عشر مدن اقتصادية في العالم، إذ إن البنية التحتية في المدينة مهيأة بسبب ما قام به الملك سلمان خلال ما يزيد على 55 سنة من إدارة مدينة الرياض والتخطيط لها.

وفي عام 1443هـ/2021م، أطلق الأمير محمد بن سلمان استراتيجية استدامة الرياض، التي تشمل إطلاق أكثر من 68 مبادرة في خمسة قطاعات، هي: الطاقة والتغيّر المناخي، وجودة الهواء، وإدارة المياه، وإدارة النفايات، والتنوع الحيوي والمناطق الطبيعية. وتهدف الاستراتيجية إلى خفض انبعاثات الكربون في المدينة بنسبة 50%، إضافة إلى ضخ 346 مليار ريال في مبادرات ومشروعات الاستدامة للمدينة، وتحفيز القطاع الخاص بفرص استثمارية.

حماية التراث

يأتي مشروع «بوابة الدرعية» أحد أهم مخرجات ومنجزات رؤية المملكة 2030، ويعد واحداً من المشروعات الوطنية المنبثقة من الأهداف والتطلعات الطموحة للرؤية، حيث نمت وتطورت في إطار السعي الحثيث لتحقيق برامجها، لتُصبح أكبر مشروع تراثي وثقافي في العالم، دشنه خادم الحرمين الشريفين في نوفمبر 2019م، ويتابع مُنجزاته المتنامية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لتكون الدرعية التاريخية واحدة من أهم الوجهات السياحية والثقافية وأماكن الجذب في المنطقة والعالم.

وأولى خادم الحرمين الشريفين الدرعية اهتماما بارزاً منقطع النظير، فهو من أسهم في إعادة إحياء الدرعية قبل أكثر من ثلاثة عقود، حيث أسهمت جهودہ في جعل الدرعية إحدى أهم وجهات التعرف على التاريخ السعودي والإرث الحقيقي الذي تتناقله الأجيال، مما نتج عنه تسجيل حي الطريف التاريخي بالدرعية في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو عام 2010م، وترجم هذا النهج والتوجه ولي العهد بمسيرة البناء والتطوير بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 من خلال تطوير عديد من المشاريع على مساحة تتجاوز 190 كيلومتراً مربعاً.

ويحقق المشروع عديداً من تطلعات وأهداف رؤية المملكة 2030 الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، منها تعزيز وحماية التاريخ والتراث السعودي الحضاري، وتطوير المواهب المحلية في مجال البحوث الأكاديمية والتاريخية والتراثية، وتعزيز قيمة الاعتزاز بالتاريخ والتراث الوطني، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وتطوير المحتوى المحلي، حيث تخطط هيئة تطوير بوابة الدرعية لإنشاء عدد من المتاحف المتميزة، ومراكز الفعاليات والمعارض التراثية والثقافية المتنوعة، وذلك سعياً لإبراز الدور الذي أدته الدرعية في تطور المنطقة بأكملها إستراتيجياً واقتصادياً، إضافة إلى عدد من الأصول ذات الطابع التراثي التقليدي.

خيارات متنوعة

يعد مشروع «حديقة الملك سلمان» الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين في 19 مارس 2019 من أكبر حدائق المدن في العالم بمساحة تزيد على 13 كيلومتراً مربعاً، ويعد مشروعاً بيئياً وثقافياً ورياضياً وترفيهياً، يسهم في تغيير نمط الحياة في المدينة، وتقديم خيارات متنوعة من الأنشطة الثقافية والرياضية والفنية والبيئية أمام سكانها وزوارها من خلال مجموعة من المرافق والمنشئات التي يأتي في مقدمتها: المجمع الملكي للفنون، والمسرح الوطني، ودارا الأوبرا، وأكاديميات الفنون والمتاحف والمعارض إلى جانب المناطق الخضراء والساحات المفتوحة والمجمعات الرياضية وملعب الرويال جولف كورس والمدن الترفيهية والمرافق السكنية والفندقية والمكتبية والتجارية.

الأصالة والمعاصرة

من المشاريع في العاصمة مشروع «الرياض آرت» الذي أطلق في 19 مارس 2019، ويشتمل على تنفيذ أكثر من 1000 عمل ومعلم فني من إبداع فنانين محليين وعالميين أمام الجمهور في مختلف أرجاء مدينة الرياض، وذلك ضمن 10 برامج تغطي الأحياء السكنية، والحدائق والمتنزهات الطبيعية، والميادين والساحات العامة، ومحطات النقل العام، وجسور الطرق وجسور المشاة، ومداخل المدينة، وجميع الوجهات السياحية في المدينة، الذي سيسهم في تحويل مدينة الرياض إلى معرض فني مفتوح يمزج بين الأصالة والمعاصرة، وإطلاق آفاق جديدة للحركة الإبداعية المحلية والعالمية في المدينة، وجذب الفنانين والمختصين والمهتمين إليها من جميع أرجاء العالم، فضلاً عن دور المشروع في تعزيز القيم المجتمعية، والتفاعل الحضاري، والتبادل المعرفي، والتعاون الإبداعي، وتحفيز الحركة السياحية والترفيهية.

عاصمة الترفيه

وضع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حجر الأساس لمشروع «القدية» في 28 أبريل 2018، الذي سيكون وجهة عالمية مميزة بكونه موطناً لأكثر التجارب ابتكاراً وإثارة وتنوعاً في مجالات الترفيه والرياضة والفنون، وسيتمكن الزوار من الاستمتاع بمجموعة متنوعة من الأنشطة والخدمات المميزة عبر خمس ركائز أساسية: الرياضة والصحة، والطبيعة والبيئة، والمتنزهات والوجهات الترفيهية، والحركة والتشويق، والفنون والثقافة، مما يجعل من القدية عاصمة الترفيه والرياضة والفنون ليس فقط للمملكة العربية السعودية، وإنما للعالم أجمع، لتصبح القدية وجهة تمكّن شباب المملكة من تحقيق طموحاتهم، ومزاراً يمكنهم فيه الاستمتاع بمواهبهم وهواياتهم وإمكانياتهم وتعزيزها ورعايتها، ويتيح الفرص ويوفر مسارات مهنية جديدة للمساعدة في بناء مجتمع أكثر ازدهاراً وتقدماً.

الاستغلال الأمثل

يسهم مشروع «الرياض الخضراء الذي أطلق في 19 مارس 2019 لزراعة أكثر من 7.5 ملايين شجرة في جميع أنحاء العاصمة في رفع نصيب الفرد من المساحة الخضراء في المدينة من 1.7 متر مربع حالياً إلى 28 متراً مربعاً للفرد، ورفع نسبة المساحات الخضراء الإجمالية فيها إلى 9% بما يعادل 545 كيلومتراً مربعاً، من خلال إطلاق نشر وتكثيف التشجير في جميع عناصر المدينة ومختلف أرجائها، مع تحقيق الاستغلال الأمثل للمياه المعالجة في أعمال الري، بما يسهم في تحسين جودة الهواء وخفض درجات الحرارة في المدينة، وتشجيع السكان على ممارسة نمط حياة أكثر نشاطاً وحيوية بما ينسجم مع أهداف توجهات ’رؤية المملكة 2030’».

أنماط صحية

يشجع مشروع «المسار الرياضي» الذي أطلق في 19 مارس 2019 سكان العاصمة على اتباع أنماط صحية في التنقل، والتحفيز على ممارسة الرياضات المختلفة وبخاصة المشي وركوب الدراجات والخيول، في محيط زاخر بالأنشطة والفعاليات الفنية والثقافية والترفيهية والبيئية، بما ينسجم مع أهداف وتوجهات «رؤية المملكة 2030، حيث يمتد المشروع بطول 135 كيلومتراً ليربط بين وادي حنيفة في غرب المدينة ووادي السلي في شرقها، ويشتمل على مسارات آمنة ومشجّرة للمشاة على طول امتداد المشروع، ومسارات مخصصة للدراجات الهوائية للمحترفين والهواة، ومسارات للخيول، ومواقع للأنشطة الرياضية تشتمل على مجموعة من المواقع الرياضية (من بينها برج رياضي يضم ملاعب لمختلف الرياضات والألعاب الداخلية، جزء منه مخصص للرجال وآخر للنساء، وإسطبلات ومسارات لركوب الخيل)، كما يضم المشروع 48 موقعاً من المسطحات الخضراء والمناطق المفتوحة بمساحة تزيد على 3.5 كيلومترات مربع، ومتنزه صحراوي تبلغ مساحته 20 ألف كيلومتر مربع، ومواقع للفعاليات، وساحات للعروض، ومسارح وسينما في الهواء الطلق، ومناطق استثمارية، إلى جانب مجموعة متكاملة من النشاطات الترفيهية والتجارية والمعالم والأعمال الفنية المصممة لإثراء نمط الحياة في المدينة الكبرى.

تطور عمراني

منذ مطلع الألفية الثالثة بدأ التطور العمراني في مدينة الرياض يأخذ منعطفًا جديدًا، إذ انطلقت حركة التعمير السريعة في أنحاء المدينة والمناطق المحيطة بها، موجدة عددًا كبيرًا من الأحياء الجديدة، رافق ذلك خطط ضخمة لإقامة مختلف المشاريع البلدية من الطرق والجسور والتقاطعات الحديثة والإنارة وأنفاق السيارات والمشاة، والمواقف متعددة الطوابق والحدائق والمتنزهات، وملاعب الأطفال، والنوافير والأشكال الجمالية، والأسواق العامة والمراكز التجارية، وغيرها من التجهيزات والمرافق الحديثة.

مناطق جاذبة

حقق موسم الرياض 2024 إنجازًا جديدًا بوصول عدد الزوار إلى 12 مليون زائر، في تأكيد واضح على النجاح الكبير والإقبال الجماهيري اللافت الذي يحظى به هذا الحدث العالمي.

ويعكس هذا الإنجاز التنوع المميز لفعاليات الموسم، الذي شهد افتتاح عديد من المناطق الجاذبة، من بينها «ذا جروفز» و«سوق الأولين»، وهي إحدى المناطق المجانية التي تجمع بين الأصالة والإبداع، مسلطة الضوء على التراث السعودي والحرف اليدوية التقليدية، والأكلات الشعبية.

كما افتُتحت منطقة «كورشوفيل» ضمن «بوليفارد وورلد»، التي تقدم تجربة ثلجية استثنائية للزوار. وجاء افتتاح منطقة «بوليفارد رن واي» الجديدة، التي انتظرها الجمهور بشغف، ليضيف بعدًا آخر للنجاح.