أبها: الوطن

تواجه خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب لإخلاء قطاع غزة انتقادات حادة من جماعات حقوق الإنسان، التي حذرت من أنها تشكل جريمة حرب بموجب القانون الدولي. وترى هذه الجماعات أن الخطة، التي تهدف إلى إعادة توطين أكثر من مليوني فلسطيني خارج أراضيهم، تخدم مصالح الاحتلال الإسرائيلي على حساب حقوق الفلسطينيين.

ووصف راجي الصوراني، المحامي البارز في مجال حقوق الإنسان، تصريحات ترمب بأنها محاولة «لاستكمال الإبادة الجماعية» التي بدأتها إسرائيل، مؤكدًا أن «هذا الحديث العلني عن ارتكاب جريمة حرب يعد سابقة خطيرة».

جريمة حرب

وتحظر اتفاقيات جنيف النقل القسري الجماعي من الأراضي المحتلة «بغض النظر عن دوافعه». وتعتبر المحكمة الجنائية الدولية أن النقل القسري قد يشكل جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية في بعض الحالات.

وقال آدم كوغل، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش: «أي حركة قسرية للفلسطينيين من غزة إلى خارجها تعد تهجيرًا قسريًا. وإذا تم ذلك عن عمد، فقد يشكل جريمة حرب».

وتدرس محكمة العدل الدولية حاليًا دعاوى تزعم أن الحملة الإسرائيلية على غزة تشكل إبادة جماعية، في حين تنفي إسرائيل ذلك، مشيرة إلى أنها تتحرك دفاعًا عن النفس.

تفاصيل الخطة

وعد ترمب بتحويل غزة إلى «ريفييرا الشرق الأوسط» بعد إخلائها بشكل دائم من سكانها. وصرح بأن الفلسطينيين لن يُسمح لهم بالعودة إلى منازلهم، مشيرًا إلى احتمال إجبار مصر والأردن على استقبالهم عبر التهديد بقطع المساعدات الأمريكية.

ويصف مراقبون الخطة بأنها محاولة لمحو الوجود الفلسطيني في غزة، وتصويرهم كأشخاص بلا حقوق تاريخية أو إنسانية في أرضهم. وقال منير نسيبة، أستاذ القانون الدولي في جامعة القدس: «إنه يتحدث كما لو أن الفلسطينيين ماشية يمكن نقلهم من مكان إلى آخر دون رأي أو سلطة».

ردود فعل

ورفض الفلسطينيون الخطة رفضًا قاطعًا، مؤكدين تمسكهم بأرضهم، التي تعد جزءًا لا يتجزأ من وطنهم المتبقي بعد حربي 1948 و1967. ورغم الدمار الذي لحق بغزة خلال الحملة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة، أبدى الفلسطينيون تصميمهم على إعادة البناء بمساعدة دولية.

كما انتقدت منظمات حقوقية دولية الخطة بشدة، محذرة من أن تنفيذها يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني. وذكرت منظمة العفو الدولية أن «الطرد القسري للفلسطينيين يعد جريمة حرب وقد يشكل جريمة ضد الإنسانية».

ازدواجية التصريحات

وأدلى ترمب بتصريحات متناقضة حول مصير الفلسطينيين، ففي حين وعد بـ«أرض جديدة جميلة» لهم، أكد في مقابلة مع قناة فوكس نيوز أنهم لن يعودوا إلى غزة.

ولم يوضح ترمب كيفية إعادة توطينهم أو ما الذي سيحدث إذا رفضوا المغادرة، ما أثار مخاوف من احتمال استخدام القوة لإجبارهم على ذلك. وأعربت جماعات حقوقية عن قلقها من أن يؤدي هذا الغموض إلى تنفيذ عمليات تهجير قسري تحت غطاء «الهجرة الطوعية».

تمسك فلسطيني

وأثار إعلان ترمب غضبًا واسعًا بين الفلسطينيين. ورغم الدمار والمعاناة، يواصل الفلسطينيون التشبث بأرضهم وهويتهم الوطنية. ويشهد على ذلك عودة مئات الآلاف إلى منازلهم المدمرة في غزة بعد وقف إطلاق النار.

العدالة الدولية

وتعد خطة ترمب لطرد سكان غزة جريمة حرب وفقًا للقانون الدولي، وتهدف بشكل واضح إلى خدمة مصالح الاحتلال الإسرائيلي على حساب حقوق الشعب الفلسطيني. ومع تصاعد الإدانات الدولية، يبقى الفلسطينيون صامدين على أرضهم، رافضين كل محاولات اقتلاعهم من جذورهم التاريخية.

وتتجه الأنظار الآن نحو المجتمع الدولي ومؤسساته القانونية، لمساءلة المسؤولين عن هذه الخطة ووقف تنفيذها، حفاظًا على حقوق الفلسطينيين وضمانًا للعدالة الدولية.



أبرز النقاط في اتفاقيات جنيف:

1. الحظر المطلق للنقل القسري

تحظر المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة بشكل صريح النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضٍ أخرى، سواء داخل تلك الأراضي أو خارجها، بغض النظر عن الدوافع.

2. عدم جواز التهجير لأسباب أمنية أو عسكرية

لا يُسمح للقوة المحتلة بترحيل السكان إلا إذا كان ذلك لأسباب أمنية قهرية أو لضرورات عسكرية مؤقتة. ويجب أن يكون الترحيل مؤقتًا، ويُعاد السكان إلى منازلهم بمجرد زوال الخطر.

3. حظر تغيير التركيبة السكانية

يحظر على القوة المحتلة نقل أو ترحيل سكانها المدنيين إلى الأراضي المحتلة بغرض تغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة.

4. جريمة حرب بموجب القانون الدولي

يعتبر النقل القسري الجماعي جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، إذا تم تنفيذه بشكل متعمد أو منظم.