عبدالحميد اليحيى

هل الأديان تستند، وتعتمد العقلانية في تشريعاتها، وأحكامها أم إنها عكس ذلك؟ بلا ريب، أن الأديان قائمة، وتقوم على اليقين، واليقينيات دوماً ترفض إعمال العقل فيها لأن اليقينيات؛ تنتفي عنها القداسة، والإيمان المطلق، القائم على عدم التساؤل فضلاً عن مبدأ التشكيك الذي اعتمده الفلاسفة عبر القرون الماضية؛ لتفكيك الخطوط العريضة للمجتمعات، والأمم، والشعوب، في محاولة من هؤلاء الفلاسفة؛ للوصول لأبعد نقطة تخاطب عقل الإنسان، والمنطق السليم الذي لا يتصادم مع العلم التجريبي كي يرتقي البشر بإنسانيتهم لمدارج أعلى على جميع الأصعدة، من تعليم، وحياة مادية، واكتشافات علمية وغير ذلك الكثير! يقول أبو العلاء المعري: إمام (قائد) الإنسان عقله! وهذه جملة صحيحة، ودقيقة، فالفهوم البشرية مختلفة، وتختلف من شخص لآخر، كل ومعطياته العقلية، وقدراته التحليلية، ومدى استيعاب المعلومة، ومعالجتها في الدماغ. لهذا، نخلص بأن اليقينيات التي أتت بها الأديان لا يجب أن تتصادم مع الطبيعة البشرية لأنها في حالة التصادم؛ ستنتج كثيراً من المشاكل التي تكون معادية لطبيعة العقل البشري.

على الممارس للطقوس الدينية؛ أن يمارسها في معبدهِ، وصومعتهِ، وكنيستهِ، ومسجدهِ، بعيداً عن محاولة فرضها على الآخرين الذين قد لا يتفقون مع تصوراته الذهنية عن مراد الدين، بهذا التوجيه أو ذاك! هذه مسلمات تجنح بالإنسان إلى أن يؤصل للدروشة، والخرافة التي تعشش في أدمغة الناس، فتتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل، مما يجعل مواجهتها، وتفكيكها، مكلفا على الحكومات، والشعوب لأنها ستلامس وجداناً لطالما غذاهم بأحاسيس محببة للنفس حتى وإن كانت خاطئة، فليس كل شعور روحاني، يمنحنا راحةً، وسكوناً، وطمأنينة؛ بالضرورة؛ إحساساً صائباً!

القيمة الفعلية للرهبان، والقساوسة، ورجالات الدين من جميع الفرق، والأديان، تكون في معبد الراهب لا في الأسواق ولا بين الأسر والعوائل، لأن كلفة ذلك ستكون باهظة على النفس البشرية. ذلك سيخلق مجموعات ليست باليسيرة داخل جميع المجتمعات، للادعاء بإيمانهم، وممارستهم لطقوس لا يفعلونها، وليسوا متعلقين بها حقيقة. الإنسان دليل نفسه، والجنة والنار ستحاسب عليها وحدك، والروحانيات ستنبثق داخلك أنت لا الآخرين! وفي النهاية، أمام الإنسان عقله!

Hameed_AlYahya@