الرياض : الوطن

أكد وزير المالية محمد الجدعان، أن المملكة تسعى للحفاظ على استدامة اقتصادها الوطني مع ضمان عدم تأثير ذلك على رفاهية المواطنين، وذلك من خلال توجيه الموارد المالية بشكل فعال.

سياسات مالية

جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد على هامش إعلان ميزانية المملكة لعام 2025.

وأوضح الجدعان أن الحكومة تتبنى سياسات مالية تهدف إلى تحقيق التوازن بين الإنفاق على المشاريع الاقتصادية الكبرى ودعم القطاعات الحيوية، مثل التعليم والصحة، مع الحفاظ على استدامة الدين العام. وأضاف أن الحكومة تسعى لتوجيه الإنفاق نحو المشاريع التي تحقق عوائد حقيقية، مشدداً على أن الزيادة في الإنفاق دون عائد ملموس يمكن أن يشكل عبئًا على الاقتصاد.

وأوضح وزير المالية أن الحكومة تدرس مختلف مصادر الإيرادات، بما في ذلك إيرادات النفط، وتبحث في كيفية استغلال الاحتياطيات المالية أو اللجوء إلى الاستدانة إذا لزم الأمر. وأكد أن الاستدانة، إذا كانت موجهة بشكل صحيح إلى استثمارات تحقق عوائد أعلى من تكلفة الدين، فإنها تظل خيارًا مستدامًا.

معالجة العشوائيات

كما تطرق الوزير إلى خطط الحكومة لتحسين الوضع العمراني، وخاصة من خلال معالجة العشوائيات. وأشار إلى تخصيص ميزانيات ضخمة لتعويض المواطنين المتضررين من الإزالات، حيث تم تخصيص 55 مليار ريال لهذا الغرض في عام 2024.

الشفافية المالية

وفيما يتعلق بالشفافية المالية، أكد الجدعان أن طرح الحكومة أسهمها في السوق المالية كان خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الشفافية وزيادة استقلالية الأصول الحكومية، مشيراً إلى أن شركة أرامكو تسهم بشكل دوري في دعم الخزينة العامة من خلال توزيع جزء من أرباحها.

الدعم الاجتماعي

وتطرق الجدعان أيضًا إلى موضوع الدعم الاجتماعي، موضحًا أن الحكومة مستمرة في تقديم الدعم المباشر للمواطنين في مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، مع التركيز على تحسين آليات دعم المعاقين والطلاب.

وأوضح أن المشاريع الحكومية الكبرى، مثل مشاريع البحر الأحمر ونيوم، تمول من خلال صناديق استثمارية مستقلة وليس من الميزانية العامة للدولة، مما يضمن إدارة مرنة وفعالة لهذه المشاريع.

التحكم في التضخم

وفيما يخص التضخم، أشار وزير المالية إلى قدرة المملكة على التحكم في مستويات التضخم، بفضل استراتيجياتها الاقتصادية المدروسة، على الرغم من التحديات الاقتصادية العالمية.

وأكد الجدعان أن الحكومة من خلال هذه الميزانية وما سبقها من ميزانيات مستمرة في الاهتمام بالمواطن واحتياجاته الأساسية، إذ يستمر الإنفاق على قطاعات التعليم، والصحة والخدمات الاجتماعية، وتتواصل جهود تعزيزجودة الخدمات والمرافق الحكومية وتطوير البنية التحتية في مختلف مناطق المملكة، مما يسهم في رفع مستوى جودة الحياة فيها، مع التركيز الدائم على تحسين منظومة الدعم والإعانات الاجتماعية وزيادة فعاليتها.

العجز

وأوضح أن العجز يأتي ضمن التخطيط المالي للميزانية، مضيفًا أن المملكة تهدف إلى الاستمرار في عمليات التمويل المحلية والدولية بهدف تغطية العجز المتوقع في ميزانية العام 2025م وسداد أصل الدين المستحق خلال العام 2025م وعلى المدى المتوسط، واغتنام الفرص المتاحة حسب ظروف الأسواق المالية لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي مثل الإنفاق الموجّه على الإستراتيجيات والمشاريع الكبرى وبرامج رؤية المملكة 2030، متوقعًا أن يبلــغ رصيد الديـــن العـــام نحو 1,300 مليار ريال (ما يعادل 29.9% من الناتج المحلي الإجمالي) للعام 2025م مقارنــة بـحوالي 1,199 مليار ريال في العام 2024م (ما يعادل 29.3% من الناتج المحلي الإجمالي).

وأوضح الجدعان أن ميزانية العام 2025م تهدف إلى المحافظة على المركز المالي للمملكة وتحقيق الاستدامة المالية من خلال الحفاظ على مستويات مستدامة من الدين العام واحتياطيات حكومية معتبرة؛ لتعزيز قدرة المملكة على التعامل مع الصدمات الخارجية، إذ يتوقع أن استمرار الحفاظ على رصيد الاحتياطيات الحكومية لدى البنك المركزي السعودي (ساما) بنهاية العام 2025م عند المستوى نفسه للعام 2024م، إذ سيبلغ حوالي 390 مليار ريال.

تطوير سوق العمل

وأشار الجدعان إلى أن جهود الحكومة المتواصلة لتطوير سوق العمل أسهمت في تراجع معدل البطالة بين السعوديين إلى أدنى مستوى تاريخي له، إذ وصل إلى 7.1% بنهاية الربع الثاني من العام 2024م، كما بلغ معدل مشاركة المرأة في سوق العمل 35.4%، متجاوزًا بذلك مستهدف الرؤية عند 30%، وأضاف أن هذه الأرقام الإيجابية تأتي نتيجة إنجازات تنويع الاقتصاد من خلال تعزيز القطاعات الواعدة وتمكين القطاع الخاص وتنفيذ المشاريع التنموية ضمن رؤية المملكة 2030، وتمكين المزيد من فئات المجتمع لدخول سوق العمل من خلال أنماط العمل الجديدة.

وفي هذا الشأن أثنى الوزير على الدور المحوري للمواطن في التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، مؤكدًا أن السعوديين والسعوديات تبنّوا فكرة “المجتمع الحيوي” التي ترتكز عليها الرؤية وأسهموا بحماس وابتكار في تحقيق الإنجازات بمختلف المجالات.

كما أشار الجدعان إلى أن الاقتصاد العالمي يشهد تحسنًا على الرغم من استمرار الصراعات الجيوسياسية المتصاعدة التي يمكن أن تخلق تحديات جديدة على المدى القريب، ومع ذلك حافظت المملكة على مركزها المالي القوي، واستمرت في تنفيذ مشاريعها وخططها التنموية، ولم تتأثر بشكل كبير؛ نظرًا للسياسات المالية الفعّالة التي وضعتها الحكومة لتضمن جاهزيتها لجميع التحديات الاقتصادية المحلية والعالمية.