بحث هام. كان من واجبنا أن نتناوله بأقلامنا، فعليه ربما يكون مدار حياتنا العمومية، ومدار حياة الأفراد.
حاجتنا إلى اللغات شديدة هي حاجتنا إلى اللغات الأجنبية عمومها، وشديدة لحد محسوس، حاجتنا إلى لغات الغرب، الغرب المستعمر الملتهم الذي يطمح ببصره إلى التقامنا ونحن بجانب التفكير في هذه المسألة مسألة الالتهام التي يسمونها: «الاستعمار».
كم هي شديدة حاجتنا في الحجاز إلى اللغة الإنجليزية خصيصًا، وأن عليها لمعولًا ضخمًا في فائدة استعمال العلاقات بيننا وبين هذا الشعب الإنكليزي الهائل، فيجب أن نفهم كيف نستفيد من تلك العلاقات على اختلافها وتنوعها، وكيف نستخدمها في مصالحنا فرديًا وأمميًا - واللغة الإفرنسية تلك اللغة التي أصبحت اليوم لغة الإنسان الحي. تلك اللغة الغنية بموادها، الفياضة بمعانيها وألفاظها، اللغة الحية النامية التي هي الوسيلة الأولى إلى راحة الإنسان ورفاهيته وتمدنه ومعيشته أنى ذهب. لغة التجارة، لغة العلم، لغة السياسة، لغة الأدب، لغة الاختراع، فعبثا كثيرًا وإلى درجة نهائية من العبث أن يستغني الحجاز عن رواج اللغات الأجنبية - لا سيما الإفرنسية والإنكليزية - في مدارسه ومجتمعاته، ونواديه، رواج لا كرواج اللغة العربية لغة حياتنا الأولى لغة سيرنا إلى الأمام، إنما أقول: لنتكلم اللغة العربية، ولكن لنتعلم اللغة الأجنبية أيضًا لنستفيد منها حضارة وعلومًا، وأفكارًا، ونكتسب بواسطتها اختبارات تؤهلنا لتوسيع دائرة التجارة واستثمار الأموال. ومتى علمنا «إِنَّ فِي الغَرْب أَعْيُنَا رَاصِدَاتٍ كَحَلَتْهَا الأَطْمَاعُ (فِينَا) بِسُهْدِ» حافظ، فلنتعلمها أيضًا لنقف على أخبار تلك الحركة الالتهامية الموجهة نحونا لأجل أن نعرف كيف نقابلها بما يجب !
والنهاية، إنه لا يوجد اليوم ناطق بالضاد ولا بالإكس حتى ينكر هذا الواجب الحيوي على الشرقيين عمومًا والعرب خصوصًا، وأحب الإحاطة والإلمام باللغات الإفرنجية التي أصبحت اليوم رسمية لسبعة أثمان الكرة الأرضية.
بعد كتابة هذه المقالة علمت أن الحكومة صرحت بوضع تعليم اللغة الإنجليزية في نظام (بورغرام) مدارسها الجديد، فقلت خطوة إلى الأمام، وتذكّرت حادثة المستر كراين المثري الأمريكي الذي أتى إلى الحجاز في زمن الحسين، وطلب منه أن يصرح له بأخذ أربعة من أبناء الحجاز لتعليمهم في الخارج على نفقته، فامتنع الحسين لأنه كان يخشى كثيرًا من المتنورين أن يظهروا في الحجاز فيكونوا سببًا في انهيار العرش.
فَمَلِيكٌ يَنْشُرُ العِلْمَ لِيَحْيَا وَمَلِيكٌ يَنْشُرُ العِلْمَ الْقَوِيم. لا يوجد اليوم ناطق بالضاد ولا بالإكس حتى ينكر هذا الواجب الحيوي على الشرقيين عموما والعرب خصوصا.
1926*
*كاتب وشاعر سعودي «1902-1980».
من كتابه الشهير «خواطر مصرحة».
حاجتنا إلى اللغات شديدة هي حاجتنا إلى اللغات الأجنبية عمومها، وشديدة لحد محسوس، حاجتنا إلى لغات الغرب، الغرب المستعمر الملتهم الذي يطمح ببصره إلى التقامنا ونحن بجانب التفكير في هذه المسألة مسألة الالتهام التي يسمونها: «الاستعمار».
كم هي شديدة حاجتنا في الحجاز إلى اللغة الإنجليزية خصيصًا، وأن عليها لمعولًا ضخمًا في فائدة استعمال العلاقات بيننا وبين هذا الشعب الإنكليزي الهائل، فيجب أن نفهم كيف نستفيد من تلك العلاقات على اختلافها وتنوعها، وكيف نستخدمها في مصالحنا فرديًا وأمميًا - واللغة الإفرنسية تلك اللغة التي أصبحت اليوم لغة الإنسان الحي. تلك اللغة الغنية بموادها، الفياضة بمعانيها وألفاظها، اللغة الحية النامية التي هي الوسيلة الأولى إلى راحة الإنسان ورفاهيته وتمدنه ومعيشته أنى ذهب. لغة التجارة، لغة العلم، لغة السياسة، لغة الأدب، لغة الاختراع، فعبثا كثيرًا وإلى درجة نهائية من العبث أن يستغني الحجاز عن رواج اللغات الأجنبية - لا سيما الإفرنسية والإنكليزية - في مدارسه ومجتمعاته، ونواديه، رواج لا كرواج اللغة العربية لغة حياتنا الأولى لغة سيرنا إلى الأمام، إنما أقول: لنتكلم اللغة العربية، ولكن لنتعلم اللغة الأجنبية أيضًا لنستفيد منها حضارة وعلومًا، وأفكارًا، ونكتسب بواسطتها اختبارات تؤهلنا لتوسيع دائرة التجارة واستثمار الأموال. ومتى علمنا «إِنَّ فِي الغَرْب أَعْيُنَا رَاصِدَاتٍ كَحَلَتْهَا الأَطْمَاعُ (فِينَا) بِسُهْدِ» حافظ، فلنتعلمها أيضًا لنقف على أخبار تلك الحركة الالتهامية الموجهة نحونا لأجل أن نعرف كيف نقابلها بما يجب !
والنهاية، إنه لا يوجد اليوم ناطق بالضاد ولا بالإكس حتى ينكر هذا الواجب الحيوي على الشرقيين عمومًا والعرب خصوصًا، وأحب الإحاطة والإلمام باللغات الإفرنجية التي أصبحت اليوم رسمية لسبعة أثمان الكرة الأرضية.
بعد كتابة هذه المقالة علمت أن الحكومة صرحت بوضع تعليم اللغة الإنجليزية في نظام (بورغرام) مدارسها الجديد، فقلت خطوة إلى الأمام، وتذكّرت حادثة المستر كراين المثري الأمريكي الذي أتى إلى الحجاز في زمن الحسين، وطلب منه أن يصرح له بأخذ أربعة من أبناء الحجاز لتعليمهم في الخارج على نفقته، فامتنع الحسين لأنه كان يخشى كثيرًا من المتنورين أن يظهروا في الحجاز فيكونوا سببًا في انهيار العرش.
فَمَلِيكٌ يَنْشُرُ العِلْمَ لِيَحْيَا وَمَلِيكٌ يَنْشُرُ العِلْمَ الْقَوِيم. لا يوجد اليوم ناطق بالضاد ولا بالإكس حتى ينكر هذا الواجب الحيوي على الشرقيين عموما والعرب خصوصا.
1926*
*كاتب وشاعر سعودي «1902-1980».
من كتابه الشهير «خواطر مصرحة».