عززت إمكانية حصول السعوديين على تصريح سفر إلكتروني إلى المملكة المتحدة اعتبارًا من فبراير الماضي من فرص سفر كثيرين منهم إليها لدراسة اللغة الإنجليزية، مستفيدين من التسهيلات التي يقدمها الـ(ETA)، وهو تصريح سفر رقمي جديد إلزامي لمواطني البلدان الذين يمكنهم زيارة إنجلترا وويلز واسكتلندا وأيرلندا الشمالية دون تأشيرة للرحلات القصيرة، وهذا يشمل مواطني السعودية.
وبسّط الـETA السفر إلى المملكة المتحدة لأكثر من 200000 سعودي يزورون المملكة المتحدة للسياحة أو الترفيه أو العمل أو الدراسة، مع توقعات بارتفاع هذا العدد.
وأسدل انتهاء الإجازات الصيفية الستار على كثير من تجارب سفر السعوديين إلى المملكة المتحدة وغيرها من دول الخارج لتعلم اللغة الإنجليزية سواء لتحسين مستوياتهم فيها أو لكونها ضرورة لازمة لابتعاثهم لدراسة تخصصات جديدة تخدم احتياجات جودة الحياة.
ووفرت فرص دراسة اللغة في عدد من الدول في الخارج تجارب اختلاط لجميع الطلاب وذلك للتسريع بالمحاولة المباشرة والاستفادة من برامج تعلم الإنجليزية، حيث تتنوع هذه البرامج بحاضنات توفر السكن والإشراف والتعلم والفعاليات اليومية.
وتتباين أعمار ومستويات راغبي دراسة الإنجليزية في الخارج، وتقدم الملحقيات الثقافية السعودية في الخارج كثيرا من الخدمات لهؤلاء بما يضمن لهم الدراسة لدى بيئات صالحة علميا وتثقيفيًا، وبما يضمن رعايتهم والعناية بهم بالشكل اللائق.
دعم الملحقيات
يؤكد العضو السابق في الملحقية الثقافية في السفارة السعودية في المغرب، الدكتور تركي الشريف أن الملحقيات الثقافية في السفارات السعودية تلعب دورًا حيويًا في دعم الطلاب الراغبين في دراسة الإنجليزية خارج المملكة، وذلك عبر عدة جوانب، منها:
1ـ الإرشاد الأكاديمي والتثقيف:
تقدم الملحقيات المعلومات الضرورية حول الجامعات والمعاهد المعتمدة لتعليم الإنجليزية، إضافة إلى البرامج الدراسية المتاحة والمناهج المتوافقة مع احتياجات الطلاب.
2ـ التوجيه في اختيار المؤسسات التعليمية:
تساعد الملحقيات الطلاب في اختيار المعاهد والجامعات المناسبة التي تقدم تعليمًا عالي الجودة في الإنجليزية، مع التأكد من مطابقة تلك المؤسسات للمعايير الأكاديمية المعترف بها.
3ـ الدعم القانوني والإجراءات:
توجه الطلاب فيما يتعلق بالتأشيرات والإقامة والإجراءات القانونية الأخرى المطلوبة للدراسة في الدولة المضيفة، وتقديم المشورة فيما يتعلق بالقوانين المحلية والأنظمة الأكاديمية.
4ـ متابعة وتقديم الرعاية:
تتابع الملحقيات شؤون الطلاب بشكل مستمر لضمان اندماجهم بشكل جيد في البيئة التعليمية الجديدة، وحل أي مشاكل قد تواجههم، سواء كانت أكاديمية أو اجتماعية.
5ـ التواصل مع السلطات المحلية:
في حال واجه الطالب أي مشكلة أو طارئ، تتدخل الملحقية الثقافية للتواصل مع السلطات المحلية والمؤسسات التعليمية لتقديم الدعم والمساعدة.
6ـ تنظيم الأنشطة الثقافية والاجتماعية:
تقوم الملحقيات بتنظيم فعاليات وندوات لربط الطلاب السعوديين ببعضهم بعضا وتعزيز التواصل الثقافي مع المجتمع المضيف.
توجه متزايد
يبين المبتعث هاني يحيى آل عباس، وهو طالب دكتوراة تخصص صحة عامة جامعة اكستر بالمملكة المتحدة أن هناك توجهًا سعوديًا متزايدًا في السنوات الأخيرة نحو الابتعاث الخارجي، خاصة فيما يتعلق بتعلم الإنجليزية.
وأوضح «التوجه نحو دراسة الإنجليزية في الخارج ليس مجرد خيار عشوائي، بل هو نتاج عدة عوامل أساسية، من أبرزها جودة التعليم في الخارج، حيث تقدم دول مثل المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وكندا برامج تعليمية متقدمة في الإنجليزية، تجعل الطالب يحيط نفسه ببيئة لغوية كاملة، تساعده على تطوير مهاراته بشكل أسرع وأكثر فعّالة، وهناك كذلك الاحتياجات التعليمية المحلية، فبالرغم من الجهود المبذولة من قبل المعاهد المحلية في السعودية، يعتقد كثيرون أن التعليم المحلي لا يوفر تجربة مماثلة للدراسة في الخارج، خاصة من حيث الانغماس الكامل في اللغة، كما توفر الدراسة في الخارج الحصول على شهادات معترف بها عالميًا ما يعد إضافة قوية للسيرة الذاتية، ويعزز فرص الحصول على وظائف مرموقة».
وأضاف «أسهم برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي في تخفيف العبء المالي على الطلاب، مما جعل الدراسة في الخارج ممكنة لشريحة أكبر من الطلاب».
وعن فوائد الدراسة في الخارج للطلاب، قال «إضافة إلى تطوير اللغة، توفر الدراسة في الخارج عدة فوائد منها تطوير السلوك الانضباطي من خلال الالتزام بالقوانين والمواعيد الصارمة في المؤسسات التعليمية في الخارج، وكذلك التواصل الفعّال فالحياة في بيئة جديدة تمنح الطلاب فرصة لممارسة اللغة الإنجليزية بشكل يومي، مما يعزز من قدرتهم على التواصل بثقة وسلاسة، كما تؤمن الاعتماد على النفس وتطوير المهارات الشخصية لأن الابتعاد عن الأسرة والمجتمع يتطلب تطوير مهارات حل المشكلات وتحمل المسؤولية».
تكاليف مادية
يوضح آل عباس أن «التكاليف المادية للدراسة في الخارج تختلف بناءً على الدولة والمدينة والبرنامج الدراسي، وبالرغم من وجود برامج حكومية داعمة، فإن التكاليف قد تكون مرتفعة لبعض الأسر، خصوصًا عند احتساب تكاليف المعيشة إلى جانب الرسوم الدراسية. فالمدن الكبرى مثل لندن ونيويورك تعد من بين الأكثر تكلفة عالميًا، ما يجعل التخطيط المالي أمرًا بالغ الأهمية».
وعن الفرق بين مستوى التعلم الداخلي والابتعاث، قال «بالرغم من وجود كثير من معاهد تعليم الإنجليزية في المملكة، فإن هناك فارقًا كبيرًا بين التعليم المحلي والخارجي. فالابتعاث يوفر للطالب بيئة كاملة يتحدث فيها الإنجليزية بشكل يومي، ما يسهم في تعزيز تعلمه اللغة بسرعة أكبر مقارنة بما تقدمه المعاهد المحلية. ومع ذلك، يسعى البعض إلى تحسين جودة التعليم المحلي لتقديم بديل قوي للابتعاث، خاصة في ظل التكاليف المرتفعة للدراسة في الخارج».
تحديات
شرح آل عباس التحديات التي تواجه الطلاب في الخارج، وقال «إضافة إلى التكاليف العالية، يواجه الطلاب تحديات التكيف مع ثقافة جديدة، وتحديات الحنين إلى الوطن لأن الابتعاد عن الأهل لفترات طويلة يشكل تحديًا نفسيًا كبيرًا، خاصة في المراحل الأولى من الابتعاث.
وأشار إلى أن هناك من خاض تجربة الدراسة التعليمية القصيرة في الخارج خلال الإجازات الطويلة، وقال «هذه برامج تقدم فرصة لتحسين مهارات الإنجليزية في فترة زمنية قصيرة، وهي مفيدة للطلاب الذين لا يستطيعون الالتزام بفترات دراسية طويلة في الخارج. كما توفر تجربة ثقافية غنية دون الحاجة لتحمل التكاليف طويلة الأمد».
تجربة استرالية
يعيد حمد محمد مهتم آل منصور، وهو مبتعث سابق، الفضل في تجربته مع تعلم الإنجليزية لله سبحانه وتعالى ثم للوظيفة التي يعمل بها حاليًا، ويقول «بدأت رحلتي في الابتعاث عام 2007 عندما بدأت التفكير بتطوير لغتي الإنجليزية بعد التخرج من الكلية التقنية بنجران تخصص دبلوم حاسب آلي، حيث بدأت التفكير الجدي بالبحث عن تطوير مهاراتي وأهمها الإنجليزية، ووقع اختياري على سيدني الأسترالية لتعلم الإنجليزية هناك، وقد شجعني الوالد على هذه الخطوة خصوصًا أن الإنجليزية من متطلبات سوق العمل».
وتابع «سافرت على نفقتي الخاصة، لكن أتت مكرمة ملكية من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث بداية 2008، وتم تحويل جميع الدارسين على حسابهم الخاص إلى حساب الدولة، وهنا تغير تفكيري من تطوير المهارات الإنجليزية إلى تفكير بإكمال دراستي الجامعية، وفعلا أنهيت الإنجليزية ودخلت جامعة ويسترن سيدني تخصص محاسبة وتخرجت عام 2011، ثم أكملت الماجستير في جامعة كوينزلاند تكنولوجي في مدينة برزبن وتخرجت عام 2013».
رفع الكفاءة
يشدد عبدالله بريك آل عوض، مبتعث سابق أخصائي أول تخصص تمريض 2011 من المملكة المتحدة من جامعة جلاسكو كالدونين، على أن الحكومة السعودية تولي كل ما من شأنه رفع كفاءة تحصيل أبناء وبنات الوطن للمعارف والمهارات التعليمية والمهنية كل العناية.
وبين أن المبتعث ينطلق من مرحلة تعلم الإنجليزية وتطوير مهارات المستوى اللغوي الشخصي على المستوى العام والأكاديمي للمساهمة في توسيع الآفاق الشخصية واللغوية، مع الإشارة إلى أن دراسة اللغة لا تنحصر في الإطار اللغوي بل تشمل مشاركة العادات والتقاليد.
وقال «مع أهمية مسؤولية التعلم الذاتي للتحصيل العالي والمهارات في استخدام اللغة في جميع مجالات الطالب التعليمية والمهنية، فإنني آمل أن تكون هناك فرق طلابية في التعليم العام وفي المرحلة الثانوية يتم اختيارهم وفق تحصيلهم العلمي المتقدم للحصول على فرصة الابتعاث لبرامج اللغة في الإجازات السنوية».
البيئة المحفزة
يشير الدكتور فهد بن حمد آل بالحارث، وهو مبتعث سابق دراسات عليا ماجستير ودكتوراة 2020، ويعمل وكيل كلية البترجي الطبية في عسير، إلى أن الطموح والبيئة المحيطة للموظف أو الطالب هي البداية بالتهيئة للانطلاق لمشروع أكاديمي ذاتي عبر التأثير الفكري الإيجابي باحتياجات الحياة العملية والعلمية، خصوصًا من كانت بداية حياته مرتبطة بالإنجليزية منذ الصغر ربما بسبب مهنة الأب مثلا في الشركات، أو من حالفه الحظ في نشأته بمدارس إنجليزية بحكم ابتعاث والده مثلا، أو من كان ينتمي إلى أسرة لها اهتمامها بالإنجليزية، ومن هنا يبدأ التفكر بتأسيس اللغة للأبناء مبكراً لتجاوز الصعوبة مع التقدم في العمر في مسيرة الطالب التعليمية.
وبيّن أن برنامج خادم الحرمين الشريفين طويل المدى والمخطط له يعد حجر أساس للمشاريع البيئية والتعليمية والمهنية».
وعن تطور تجربة الابتعاث في السعودية، يقول «والدي الذي يناهز الـ80 عامًا تحدث لي عن تجربة الابتعاث من شركة أرامكو السعودية قبل 40 سنة، وحينئذ كانت فترات الابتعاث لا تتجاوز الـ6 أشهر. ومع ازدياد عدد المبتعثين مع فتح التخصصات والشهادات العلمية بدأ الأمر يتوسع إلى البكالوريوس والآن درجة الماجستير والدكتوارة، والأهداف تتنوع في الابتعاث، كما بدأ الابتعاث يتسع نحو التخصصات الجديدة مثل الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والخدمات البيئية والثقافة العامة والتراث، وقد تم استهدافها بعد تحقيق الأهداف الأولية من التخصصات الأخرى».
اجتماع الأهداف
يعتقد المهندس حسين جابر آل سرار، وهو مبتعث لدراسة الماجستير في الهندسة التقنية الطبية الحيوية جامعة كيل - ستوك أون ترينت المملكة المتحدة أن الابتعاث يحقق عدة أهداف مجتمعة، فإضافة إلى تعلم لغة جديدة وعالمية، فإنه يحقق فوائد جمة منها ثقافة النظافة البيئية والاعتماد على النفس، وعدم الاتكال على الغير وفهم ثقافة الآخر، إضافة للاطلاع على طريقة تعليم مختلفة وتختلف أحيانًا اختلافًا جذريًا خصوصًا مع دول الدول المضيفة للمبتعثين في البحث العلمي.
وأوضح «تجربة الابتعاث ليست سهلة، على الأخص لجهة التكلفة التي تعج باهظة، فعليك أن تقتصد حتى في أبسط الأشياء مثل السكن وفواتير الكهرباء والغاز والماء وغيرها».
وعن المعاهد اللغوية المحلية، قال «أفضل دراسة اللغة عبر الابتعاث للخارج، فالمعاهد هنا تعلمك اللغة، ولكن لا تستطيع تطبيقها في بيئة لا تتكلم الإنجليزية بشكل مستمر، فالمعاهد تعطيك 40% لغة وقواعد تطبيقها، و60% يعتمد على الممارسة والمخالطة، وهذا صعب التوفر هنا».
مرافقة الصغير
يروي صالح اليامي، وهو ولي أمر طالب عمره 13 سنة تجربة مغايرة لتعلم الإنجليزية في الخارج، ويقول «تأثرت بما يقال عن أهمية اللغة الإنجليزية وضرورة تعلمها من الصغر، وقد تبلورت الفكرة في ذهني ونمت حتى أصبحت في حيز التنفيذ لتعليم ولدي الإنجليزية».
ويضيف «تواصلنا مع أكثر من مكتب، وأكثر من خبير في هذا المجال، وراسنا نحو 10 مدارس رفضت الأمر لصغر سن ولدي، وأنا استغرب عدم وجود حاضنات للدراسة لمن هم بهذا السن».
ويتابع «كاد حلم الدراسة بالخارج على حسابي الشخصي يتبخر، لكنني فوجئت برسالة إلكترونية من أول مدرسة كنت قد راستها بأنهم بصدد التفكير مرة أخرى في الموافقة، وسرعان ما جاءت موافقتهم، فتوجهنا إلى المملكة المتحدة، وتحديدا شمالها قريبًا من اسكتلندا، وقد رافقت ابني حتى وصولنا المبنى الخاص بالمدرسة التي تتكون من فصول دراسية وسكن وملاعب وكل ما يحتاجه الطالب للدراسة».
ويكمل «تأثرت كثيرًا عند دخولي فناء المدرسة حيث ابتعد ابني لمرافقة زملائه ومدرسيه، وهي لحظة لم استعد لها ولم أعشها من قبل، وبقيت أتابعه حتى اختفى خلف أحد مباني المدرسة، ولا شعوريا وجدتني أريد متابعته وهرولت حتى رأيته يركب الباص، لكني مدير المدرسة هو وسيدتين في وسط العمر.. وبينما انا في حاله ذهول مخطوف الهدأ من روعي، وأبلغني أنهم يشهدون يوميا مثل هذا الموقف، وطمأنني إلى أن ولدي سيكون بعد أسبوعين متميزًا في لغته، وقد لاحظت خلال 14 يومًا أن ثمة تطور واضح على لغته، حتى قضى 4 أشهر، والآن أصبح الأمر بسيطًا وتطورت مهارته في الإنجليزية بطريقة أفضل وأسرع مما كنا نتوقع».
عوامل تعزز التوجه للدراسة في الخارج
ـ جودة التعليم في الخارج
ـ توفر برامج تعليمية متقدمة
ـ توفر بيئة لغوية كاملة تساعد على تطوير المهارات
ـ الاحتياجات التعليمية المحلية
ـ توفر الانغماس الكامل في اللغة
ـ توفر فرص الحصول على شهادات معترف بها عالميًا تعزز السيرة الذاتية
ـ توفر تطوير السلوك الانضباطي من خلال الالتزام بالقوانين والمواعيد الصارمة
ـ برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي خفف العبء المالي على الطلاب
وبسّط الـETA السفر إلى المملكة المتحدة لأكثر من 200000 سعودي يزورون المملكة المتحدة للسياحة أو الترفيه أو العمل أو الدراسة، مع توقعات بارتفاع هذا العدد.
وأسدل انتهاء الإجازات الصيفية الستار على كثير من تجارب سفر السعوديين إلى المملكة المتحدة وغيرها من دول الخارج لتعلم اللغة الإنجليزية سواء لتحسين مستوياتهم فيها أو لكونها ضرورة لازمة لابتعاثهم لدراسة تخصصات جديدة تخدم احتياجات جودة الحياة.
ووفرت فرص دراسة اللغة في عدد من الدول في الخارج تجارب اختلاط لجميع الطلاب وذلك للتسريع بالمحاولة المباشرة والاستفادة من برامج تعلم الإنجليزية، حيث تتنوع هذه البرامج بحاضنات توفر السكن والإشراف والتعلم والفعاليات اليومية.
وتتباين أعمار ومستويات راغبي دراسة الإنجليزية في الخارج، وتقدم الملحقيات الثقافية السعودية في الخارج كثيرا من الخدمات لهؤلاء بما يضمن لهم الدراسة لدى بيئات صالحة علميا وتثقيفيًا، وبما يضمن رعايتهم والعناية بهم بالشكل اللائق.
دعم الملحقيات
يؤكد العضو السابق في الملحقية الثقافية في السفارة السعودية في المغرب، الدكتور تركي الشريف أن الملحقيات الثقافية في السفارات السعودية تلعب دورًا حيويًا في دعم الطلاب الراغبين في دراسة الإنجليزية خارج المملكة، وذلك عبر عدة جوانب، منها:
1ـ الإرشاد الأكاديمي والتثقيف:
تقدم الملحقيات المعلومات الضرورية حول الجامعات والمعاهد المعتمدة لتعليم الإنجليزية، إضافة إلى البرامج الدراسية المتاحة والمناهج المتوافقة مع احتياجات الطلاب.
2ـ التوجيه في اختيار المؤسسات التعليمية:
تساعد الملحقيات الطلاب في اختيار المعاهد والجامعات المناسبة التي تقدم تعليمًا عالي الجودة في الإنجليزية، مع التأكد من مطابقة تلك المؤسسات للمعايير الأكاديمية المعترف بها.
3ـ الدعم القانوني والإجراءات:
توجه الطلاب فيما يتعلق بالتأشيرات والإقامة والإجراءات القانونية الأخرى المطلوبة للدراسة في الدولة المضيفة، وتقديم المشورة فيما يتعلق بالقوانين المحلية والأنظمة الأكاديمية.
4ـ متابعة وتقديم الرعاية:
تتابع الملحقيات شؤون الطلاب بشكل مستمر لضمان اندماجهم بشكل جيد في البيئة التعليمية الجديدة، وحل أي مشاكل قد تواجههم، سواء كانت أكاديمية أو اجتماعية.
5ـ التواصل مع السلطات المحلية:
في حال واجه الطالب أي مشكلة أو طارئ، تتدخل الملحقية الثقافية للتواصل مع السلطات المحلية والمؤسسات التعليمية لتقديم الدعم والمساعدة.
6ـ تنظيم الأنشطة الثقافية والاجتماعية:
تقوم الملحقيات بتنظيم فعاليات وندوات لربط الطلاب السعوديين ببعضهم بعضا وتعزيز التواصل الثقافي مع المجتمع المضيف.
توجه متزايد
يبين المبتعث هاني يحيى آل عباس، وهو طالب دكتوراة تخصص صحة عامة جامعة اكستر بالمملكة المتحدة أن هناك توجهًا سعوديًا متزايدًا في السنوات الأخيرة نحو الابتعاث الخارجي، خاصة فيما يتعلق بتعلم الإنجليزية.
وأوضح «التوجه نحو دراسة الإنجليزية في الخارج ليس مجرد خيار عشوائي، بل هو نتاج عدة عوامل أساسية، من أبرزها جودة التعليم في الخارج، حيث تقدم دول مثل المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وكندا برامج تعليمية متقدمة في الإنجليزية، تجعل الطالب يحيط نفسه ببيئة لغوية كاملة، تساعده على تطوير مهاراته بشكل أسرع وأكثر فعّالة، وهناك كذلك الاحتياجات التعليمية المحلية، فبالرغم من الجهود المبذولة من قبل المعاهد المحلية في السعودية، يعتقد كثيرون أن التعليم المحلي لا يوفر تجربة مماثلة للدراسة في الخارج، خاصة من حيث الانغماس الكامل في اللغة، كما توفر الدراسة في الخارج الحصول على شهادات معترف بها عالميًا ما يعد إضافة قوية للسيرة الذاتية، ويعزز فرص الحصول على وظائف مرموقة».
وأضاف «أسهم برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي في تخفيف العبء المالي على الطلاب، مما جعل الدراسة في الخارج ممكنة لشريحة أكبر من الطلاب».
وعن فوائد الدراسة في الخارج للطلاب، قال «إضافة إلى تطوير اللغة، توفر الدراسة في الخارج عدة فوائد منها تطوير السلوك الانضباطي من خلال الالتزام بالقوانين والمواعيد الصارمة في المؤسسات التعليمية في الخارج، وكذلك التواصل الفعّال فالحياة في بيئة جديدة تمنح الطلاب فرصة لممارسة اللغة الإنجليزية بشكل يومي، مما يعزز من قدرتهم على التواصل بثقة وسلاسة، كما تؤمن الاعتماد على النفس وتطوير المهارات الشخصية لأن الابتعاد عن الأسرة والمجتمع يتطلب تطوير مهارات حل المشكلات وتحمل المسؤولية».
تكاليف مادية
يوضح آل عباس أن «التكاليف المادية للدراسة في الخارج تختلف بناءً على الدولة والمدينة والبرنامج الدراسي، وبالرغم من وجود برامج حكومية داعمة، فإن التكاليف قد تكون مرتفعة لبعض الأسر، خصوصًا عند احتساب تكاليف المعيشة إلى جانب الرسوم الدراسية. فالمدن الكبرى مثل لندن ونيويورك تعد من بين الأكثر تكلفة عالميًا، ما يجعل التخطيط المالي أمرًا بالغ الأهمية».
وعن الفرق بين مستوى التعلم الداخلي والابتعاث، قال «بالرغم من وجود كثير من معاهد تعليم الإنجليزية في المملكة، فإن هناك فارقًا كبيرًا بين التعليم المحلي والخارجي. فالابتعاث يوفر للطالب بيئة كاملة يتحدث فيها الإنجليزية بشكل يومي، ما يسهم في تعزيز تعلمه اللغة بسرعة أكبر مقارنة بما تقدمه المعاهد المحلية. ومع ذلك، يسعى البعض إلى تحسين جودة التعليم المحلي لتقديم بديل قوي للابتعاث، خاصة في ظل التكاليف المرتفعة للدراسة في الخارج».
تحديات
شرح آل عباس التحديات التي تواجه الطلاب في الخارج، وقال «إضافة إلى التكاليف العالية، يواجه الطلاب تحديات التكيف مع ثقافة جديدة، وتحديات الحنين إلى الوطن لأن الابتعاد عن الأهل لفترات طويلة يشكل تحديًا نفسيًا كبيرًا، خاصة في المراحل الأولى من الابتعاث.
وأشار إلى أن هناك من خاض تجربة الدراسة التعليمية القصيرة في الخارج خلال الإجازات الطويلة، وقال «هذه برامج تقدم فرصة لتحسين مهارات الإنجليزية في فترة زمنية قصيرة، وهي مفيدة للطلاب الذين لا يستطيعون الالتزام بفترات دراسية طويلة في الخارج. كما توفر تجربة ثقافية غنية دون الحاجة لتحمل التكاليف طويلة الأمد».
تجربة استرالية
يعيد حمد محمد مهتم آل منصور، وهو مبتعث سابق، الفضل في تجربته مع تعلم الإنجليزية لله سبحانه وتعالى ثم للوظيفة التي يعمل بها حاليًا، ويقول «بدأت رحلتي في الابتعاث عام 2007 عندما بدأت التفكير بتطوير لغتي الإنجليزية بعد التخرج من الكلية التقنية بنجران تخصص دبلوم حاسب آلي، حيث بدأت التفكير الجدي بالبحث عن تطوير مهاراتي وأهمها الإنجليزية، ووقع اختياري على سيدني الأسترالية لتعلم الإنجليزية هناك، وقد شجعني الوالد على هذه الخطوة خصوصًا أن الإنجليزية من متطلبات سوق العمل».
وتابع «سافرت على نفقتي الخاصة، لكن أتت مكرمة ملكية من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث بداية 2008، وتم تحويل جميع الدارسين على حسابهم الخاص إلى حساب الدولة، وهنا تغير تفكيري من تطوير المهارات الإنجليزية إلى تفكير بإكمال دراستي الجامعية، وفعلا أنهيت الإنجليزية ودخلت جامعة ويسترن سيدني تخصص محاسبة وتخرجت عام 2011، ثم أكملت الماجستير في جامعة كوينزلاند تكنولوجي في مدينة برزبن وتخرجت عام 2013».
رفع الكفاءة
يشدد عبدالله بريك آل عوض، مبتعث سابق أخصائي أول تخصص تمريض 2011 من المملكة المتحدة من جامعة جلاسكو كالدونين، على أن الحكومة السعودية تولي كل ما من شأنه رفع كفاءة تحصيل أبناء وبنات الوطن للمعارف والمهارات التعليمية والمهنية كل العناية.
وبين أن المبتعث ينطلق من مرحلة تعلم الإنجليزية وتطوير مهارات المستوى اللغوي الشخصي على المستوى العام والأكاديمي للمساهمة في توسيع الآفاق الشخصية واللغوية، مع الإشارة إلى أن دراسة اللغة لا تنحصر في الإطار اللغوي بل تشمل مشاركة العادات والتقاليد.
وقال «مع أهمية مسؤولية التعلم الذاتي للتحصيل العالي والمهارات في استخدام اللغة في جميع مجالات الطالب التعليمية والمهنية، فإنني آمل أن تكون هناك فرق طلابية في التعليم العام وفي المرحلة الثانوية يتم اختيارهم وفق تحصيلهم العلمي المتقدم للحصول على فرصة الابتعاث لبرامج اللغة في الإجازات السنوية».
البيئة المحفزة
يشير الدكتور فهد بن حمد آل بالحارث، وهو مبتعث سابق دراسات عليا ماجستير ودكتوراة 2020، ويعمل وكيل كلية البترجي الطبية في عسير، إلى أن الطموح والبيئة المحيطة للموظف أو الطالب هي البداية بالتهيئة للانطلاق لمشروع أكاديمي ذاتي عبر التأثير الفكري الإيجابي باحتياجات الحياة العملية والعلمية، خصوصًا من كانت بداية حياته مرتبطة بالإنجليزية منذ الصغر ربما بسبب مهنة الأب مثلا في الشركات، أو من حالفه الحظ في نشأته بمدارس إنجليزية بحكم ابتعاث والده مثلا، أو من كان ينتمي إلى أسرة لها اهتمامها بالإنجليزية، ومن هنا يبدأ التفكر بتأسيس اللغة للأبناء مبكراً لتجاوز الصعوبة مع التقدم في العمر في مسيرة الطالب التعليمية.
وبيّن أن برنامج خادم الحرمين الشريفين طويل المدى والمخطط له يعد حجر أساس للمشاريع البيئية والتعليمية والمهنية».
وعن تطور تجربة الابتعاث في السعودية، يقول «والدي الذي يناهز الـ80 عامًا تحدث لي عن تجربة الابتعاث من شركة أرامكو السعودية قبل 40 سنة، وحينئذ كانت فترات الابتعاث لا تتجاوز الـ6 أشهر. ومع ازدياد عدد المبتعثين مع فتح التخصصات والشهادات العلمية بدأ الأمر يتوسع إلى البكالوريوس والآن درجة الماجستير والدكتوارة، والأهداف تتنوع في الابتعاث، كما بدأ الابتعاث يتسع نحو التخصصات الجديدة مثل الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والخدمات البيئية والثقافة العامة والتراث، وقد تم استهدافها بعد تحقيق الأهداف الأولية من التخصصات الأخرى».
اجتماع الأهداف
يعتقد المهندس حسين جابر آل سرار، وهو مبتعث لدراسة الماجستير في الهندسة التقنية الطبية الحيوية جامعة كيل - ستوك أون ترينت المملكة المتحدة أن الابتعاث يحقق عدة أهداف مجتمعة، فإضافة إلى تعلم لغة جديدة وعالمية، فإنه يحقق فوائد جمة منها ثقافة النظافة البيئية والاعتماد على النفس، وعدم الاتكال على الغير وفهم ثقافة الآخر، إضافة للاطلاع على طريقة تعليم مختلفة وتختلف أحيانًا اختلافًا جذريًا خصوصًا مع دول الدول المضيفة للمبتعثين في البحث العلمي.
وأوضح «تجربة الابتعاث ليست سهلة، على الأخص لجهة التكلفة التي تعج باهظة، فعليك أن تقتصد حتى في أبسط الأشياء مثل السكن وفواتير الكهرباء والغاز والماء وغيرها».
وعن المعاهد اللغوية المحلية، قال «أفضل دراسة اللغة عبر الابتعاث للخارج، فالمعاهد هنا تعلمك اللغة، ولكن لا تستطيع تطبيقها في بيئة لا تتكلم الإنجليزية بشكل مستمر، فالمعاهد تعطيك 40% لغة وقواعد تطبيقها، و60% يعتمد على الممارسة والمخالطة، وهذا صعب التوفر هنا».
مرافقة الصغير
يروي صالح اليامي، وهو ولي أمر طالب عمره 13 سنة تجربة مغايرة لتعلم الإنجليزية في الخارج، ويقول «تأثرت بما يقال عن أهمية اللغة الإنجليزية وضرورة تعلمها من الصغر، وقد تبلورت الفكرة في ذهني ونمت حتى أصبحت في حيز التنفيذ لتعليم ولدي الإنجليزية».
ويضيف «تواصلنا مع أكثر من مكتب، وأكثر من خبير في هذا المجال، وراسنا نحو 10 مدارس رفضت الأمر لصغر سن ولدي، وأنا استغرب عدم وجود حاضنات للدراسة لمن هم بهذا السن».
ويتابع «كاد حلم الدراسة بالخارج على حسابي الشخصي يتبخر، لكنني فوجئت برسالة إلكترونية من أول مدرسة كنت قد راستها بأنهم بصدد التفكير مرة أخرى في الموافقة، وسرعان ما جاءت موافقتهم، فتوجهنا إلى المملكة المتحدة، وتحديدا شمالها قريبًا من اسكتلندا، وقد رافقت ابني حتى وصولنا المبنى الخاص بالمدرسة التي تتكون من فصول دراسية وسكن وملاعب وكل ما يحتاجه الطالب للدراسة».
ويكمل «تأثرت كثيرًا عند دخولي فناء المدرسة حيث ابتعد ابني لمرافقة زملائه ومدرسيه، وهي لحظة لم استعد لها ولم أعشها من قبل، وبقيت أتابعه حتى اختفى خلف أحد مباني المدرسة، ولا شعوريا وجدتني أريد متابعته وهرولت حتى رأيته يركب الباص، لكني مدير المدرسة هو وسيدتين في وسط العمر.. وبينما انا في حاله ذهول مخطوف الهدأ من روعي، وأبلغني أنهم يشهدون يوميا مثل هذا الموقف، وطمأنني إلى أن ولدي سيكون بعد أسبوعين متميزًا في لغته، وقد لاحظت خلال 14 يومًا أن ثمة تطور واضح على لغته، حتى قضى 4 أشهر، والآن أصبح الأمر بسيطًا وتطورت مهارته في الإنجليزية بطريقة أفضل وأسرع مما كنا نتوقع».
عوامل تعزز التوجه للدراسة في الخارج
ـ جودة التعليم في الخارج
ـ توفر برامج تعليمية متقدمة
ـ توفر بيئة لغوية كاملة تساعد على تطوير المهارات
ـ الاحتياجات التعليمية المحلية
ـ توفر الانغماس الكامل في اللغة
ـ توفر فرص الحصول على شهادات معترف بها عالميًا تعزز السيرة الذاتية
ـ توفر تطوير السلوك الانضباطي من خلال الالتزام بالقوانين والمواعيد الصارمة
ـ برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي خفف العبء المالي على الطلاب