مع اتفاق كثيرين على أن كثيرًا من النقد الأدبي يميل نحو المجاملة، وأن المجاملات قديمة قدم الأجب نفسه، فإن مهتمين أشاروا إلى أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وامتلاك الأدباء والشعراء قنوات وصفحات خاصة بهم يتابعها أحيانًا مئات المتابعين قد سدد ضربة قاصمة للنقد الأدبي، وجعل النقاد يخشون «جيش المتابعين»، وما يمكن أن يحولوه إلى «ترندات» قد تسيء إلى الناقد أو تجعله يخشى أن يعبر عن رأيه دون مواربة ومجاملة. وفي وقت طالب فيه نقاد سعوديون بضرورة ترشيد عبارات الثناء التي تسبغ على النصوص الأدبية، والاكتفاء بالإيجاز فيها، وبالحقيقة عن المبالغة، وتحكيم مقاييس النقد الأدبي.
سطوة العاطفة
بيّن رئيس لجنة التراث الأدبي في جمعية أدباء في الأحساء ماهر المحمود، أن النقد الأدبي التأثري القائم على سطوة العاطفة، والاعتداد بالأقوال المرسلة والأحكام العامة، ظاهرة قديمة حديثة، لن تنتهي إلا بانتهاء الحياة؛ لأنها تعبير عما في وجدان الناس، وهم مختلفون في قدراتهم النقدية ومعارفهم وأمزجتهم وعواطفهم ومواقفهم.
وأضاف «النقد الأدبي واقع بين مدحٍ وذمٍّ وإنصافٍ، وقد حُبِّب للإنسان الثناء، وبُغِّض إليه ما دونه، والإنصاف كالعدل عزيز وهو الأقرب للتقوى».
وتابع «بتنوع وسائل التواصل الاجتماعي، وسهولة إبداء الرأي عبرها أخذ النقد الأدبي يتشكل وفق المزاج العام للمتلقي، وأخذ النقد الموضوعي يتضاءل ويقل حضوره وتقتصر فاعليته على الأروقة العلمية وبعض الأوراق المحكمة والأبحاث المنشورة، بل وحلت محلَّه في بعض الأحيان المجاملات، وصارت ظاهرة لفتت الانتباه، وقيدت الإبداع والتفكير، وأوقعت بعض النقاد في فخ الأسر العاطفي».
تنازل عن الموضوعية
أشار المحمود إلى انتشار المجاملة، بالرغم من تأكيده أنها مظهر من مظاهر اللياقة، أصلها من الفعل (جامله) إذا عامله بالجَميل، ومن المجاملة: القول للشيء بإنه جميل وهو ليس بجميل، كالقصيدة الرديئة والضعيفة يطير بها الناس حتى يظن صاحبُها أنها من عيون الشعر.
وقال «المجاملة في النقد الأدبي كاللَّياقة في التعامل واللَّباقة في الكلام تقتضي شيئًا من المراعاة والتنازل عن الموضوعية والمهنية تماشيًا مع ظروف التعامل ومستوياته».
وأكد أن «الفضاء المفتوح الذي وفرته وسائل التواصل الحديثة، أسهم في زيادة التفاعل الشعبي نحو الأجناس الأدبية وخاصة الشعر، بل وصار لهذا التفاعل حضورًا فاعلًا في الحكم على جودة النص الأدبي والتعاطي معه والمفاضلة بين المتنافسين، وربما تقدم منافس على آخر بكثرة التصويت، لا بجودة النص، فتصدر من حقُّهُ التأخر، وتأخر من حقُّه أن يُقدَّم، وهذا من نكد الدنيا على الأديب والمثقف والشاعر والكاتب».
المشاكسات والتسقيط
أوضح الناقد، الأديب زكي السالم أن من بين أسباب المجاملات في النقد الأدبي، مراعاة الناقد للأديب أو الشاعر وخوف ردة فعله، خاصة ونحن نعيش عصر الميديا وانتشار الأقنية وحسابات «التواصل الاجتماعي»، حيث يمتلك كل شاعر مبتدئ مهما قلت تجربته منصته الإعلامية التي يطل من خلالها على جمهوره، وتشكل لديه متابعون كُثر، وبهم تضخمت الأنا عنده، فلن يقبل معها أي نقد حتى وإن كان بناءً أو موجهًا؛ فقد اعتاد على الإطراء والمديح «الإعجاب» من هؤلاء المتابعين.
وأضاف «سابقًا كان الناقد يطلع على نتاج الأديب من خلال صحيفة أو ديوان، ويكتب نقده وانطباعه، وقد لا يلتقي بالشاعر، مما يتيح له مساحة شاسعة يتحرك من خلالها بحرية، ويقول رأيه دون خوف من غضب الشاعر أو ثورته. أما الآن فقد اختلف الأمر اختلافًا جذريًا؛ فالناقد ومن خلال (الإعلام الرقمي) أصبح تواصله مع الأديب مباشرًا، وصار يخشى من الشاعر ومتابعيه، ويتجنب أن يصب الشاعر ومتابعوه غضبهم عليه، ويجعلوا منه «ترند».
ودعا، بالرغم من كل ذلك، إلى أن يكتب الناقد رأيه بكل صراحة وأريحية بعينٍ لا ترى إلا النص، مع الابتعاد عن الشخصنة، وأن يكون دقيقًا في اختيار مفردته، ومتمكنًا من أدواته، وأن يبتعد عن المشاكسات وقصدية التسقيط، وحين التزامه بهذه الحيثيات فلن يلتفت لرضا الشاعر أو سخطه.
لماذا طغت المجاملات على النقد الأدبي؟
01 - تلون المشهد النقدي.
02 - ضعف مهارات الناقد العلمية والمعرفية.
03 - الخوف من نتائج النقد الموضوعي.
04 - السلطة الفوقيّة للمتلقي.
05 - المراعاة والمحاباة.
06 - الشَّللية القائمة على منهج: (خُذْ وأعطِ أو باصْ لي وأباصي لك).
07 - التفاعل السلبي، ومنه: الاندفاع الذي يصيب المبتدئ، والعجب الذي يلحق المتفوق والمبدع.
08 - حب الظهور الإعلامي.
09 - تنافس الأقران.
حلول لعدم طغيان المجاملة على النقد
01- إيجاد بيئة ثقافية نقدية صحية يتصدر فيها أولو الاختصاص
02 -نبذ التعصب للأشخاص أيًّا كان نوعه، وتسليط الضوء على النص فقط.
03 -التفاعل الإيجابي الدائم مع أقران الصَّنعة.
04 -التواضع الأدبي والعلمي والمعرفي.
05 -طرح النصوص الأدبية على مقيمين ومحكمين معتبرين في النقد.
06 -حفظ الود وعدم التعريض بالنصوص الرديئة وأصحابها.
سطوة العاطفة
بيّن رئيس لجنة التراث الأدبي في جمعية أدباء في الأحساء ماهر المحمود، أن النقد الأدبي التأثري القائم على سطوة العاطفة، والاعتداد بالأقوال المرسلة والأحكام العامة، ظاهرة قديمة حديثة، لن تنتهي إلا بانتهاء الحياة؛ لأنها تعبير عما في وجدان الناس، وهم مختلفون في قدراتهم النقدية ومعارفهم وأمزجتهم وعواطفهم ومواقفهم.
وأضاف «النقد الأدبي واقع بين مدحٍ وذمٍّ وإنصافٍ، وقد حُبِّب للإنسان الثناء، وبُغِّض إليه ما دونه، والإنصاف كالعدل عزيز وهو الأقرب للتقوى».
وتابع «بتنوع وسائل التواصل الاجتماعي، وسهولة إبداء الرأي عبرها أخذ النقد الأدبي يتشكل وفق المزاج العام للمتلقي، وأخذ النقد الموضوعي يتضاءل ويقل حضوره وتقتصر فاعليته على الأروقة العلمية وبعض الأوراق المحكمة والأبحاث المنشورة، بل وحلت محلَّه في بعض الأحيان المجاملات، وصارت ظاهرة لفتت الانتباه، وقيدت الإبداع والتفكير، وأوقعت بعض النقاد في فخ الأسر العاطفي».
تنازل عن الموضوعية
أشار المحمود إلى انتشار المجاملة، بالرغم من تأكيده أنها مظهر من مظاهر اللياقة، أصلها من الفعل (جامله) إذا عامله بالجَميل، ومن المجاملة: القول للشيء بإنه جميل وهو ليس بجميل، كالقصيدة الرديئة والضعيفة يطير بها الناس حتى يظن صاحبُها أنها من عيون الشعر.
وقال «المجاملة في النقد الأدبي كاللَّياقة في التعامل واللَّباقة في الكلام تقتضي شيئًا من المراعاة والتنازل عن الموضوعية والمهنية تماشيًا مع ظروف التعامل ومستوياته».
وأكد أن «الفضاء المفتوح الذي وفرته وسائل التواصل الحديثة، أسهم في زيادة التفاعل الشعبي نحو الأجناس الأدبية وخاصة الشعر، بل وصار لهذا التفاعل حضورًا فاعلًا في الحكم على جودة النص الأدبي والتعاطي معه والمفاضلة بين المتنافسين، وربما تقدم منافس على آخر بكثرة التصويت، لا بجودة النص، فتصدر من حقُّهُ التأخر، وتأخر من حقُّه أن يُقدَّم، وهذا من نكد الدنيا على الأديب والمثقف والشاعر والكاتب».
المشاكسات والتسقيط
أوضح الناقد، الأديب زكي السالم أن من بين أسباب المجاملات في النقد الأدبي، مراعاة الناقد للأديب أو الشاعر وخوف ردة فعله، خاصة ونحن نعيش عصر الميديا وانتشار الأقنية وحسابات «التواصل الاجتماعي»، حيث يمتلك كل شاعر مبتدئ مهما قلت تجربته منصته الإعلامية التي يطل من خلالها على جمهوره، وتشكل لديه متابعون كُثر، وبهم تضخمت الأنا عنده، فلن يقبل معها أي نقد حتى وإن كان بناءً أو موجهًا؛ فقد اعتاد على الإطراء والمديح «الإعجاب» من هؤلاء المتابعين.
وأضاف «سابقًا كان الناقد يطلع على نتاج الأديب من خلال صحيفة أو ديوان، ويكتب نقده وانطباعه، وقد لا يلتقي بالشاعر، مما يتيح له مساحة شاسعة يتحرك من خلالها بحرية، ويقول رأيه دون خوف من غضب الشاعر أو ثورته. أما الآن فقد اختلف الأمر اختلافًا جذريًا؛ فالناقد ومن خلال (الإعلام الرقمي) أصبح تواصله مع الأديب مباشرًا، وصار يخشى من الشاعر ومتابعيه، ويتجنب أن يصب الشاعر ومتابعوه غضبهم عليه، ويجعلوا منه «ترند».
ودعا، بالرغم من كل ذلك، إلى أن يكتب الناقد رأيه بكل صراحة وأريحية بعينٍ لا ترى إلا النص، مع الابتعاد عن الشخصنة، وأن يكون دقيقًا في اختيار مفردته، ومتمكنًا من أدواته، وأن يبتعد عن المشاكسات وقصدية التسقيط، وحين التزامه بهذه الحيثيات فلن يلتفت لرضا الشاعر أو سخطه.
لماذا طغت المجاملات على النقد الأدبي؟
01 - تلون المشهد النقدي.
02 - ضعف مهارات الناقد العلمية والمعرفية.
03 - الخوف من نتائج النقد الموضوعي.
04 - السلطة الفوقيّة للمتلقي.
05 - المراعاة والمحاباة.
06 - الشَّللية القائمة على منهج: (خُذْ وأعطِ أو باصْ لي وأباصي لك).
07 - التفاعل السلبي، ومنه: الاندفاع الذي يصيب المبتدئ، والعجب الذي يلحق المتفوق والمبدع.
08 - حب الظهور الإعلامي.
09 - تنافس الأقران.
حلول لعدم طغيان المجاملة على النقد
01- إيجاد بيئة ثقافية نقدية صحية يتصدر فيها أولو الاختصاص
02 -نبذ التعصب للأشخاص أيًّا كان نوعه، وتسليط الضوء على النص فقط.
03 -التفاعل الإيجابي الدائم مع أقران الصَّنعة.
04 -التواضع الأدبي والعلمي والمعرفي.
05 -طرح النصوص الأدبية على مقيمين ومحكمين معتبرين في النقد.
06 -حفظ الود وعدم التعريض بالنصوص الرديئة وأصحابها.