بموازاة ولوج العالم الجامعي، فإن النساء العربيات عموما والمصريات خصوصا، قمن في البداية داخل الحركة القومية ، ثم بعد ذلك كأصوات مستقلة على غرار السيدة هدى شعراوي ، بتنشيط حركة نسوية أمطرت الصحافة بكراسات وكتابات جريئة أحدثت انقلابا عميقا في العقليات. ولا شك أننا مدينون لهذه الحركة بالإسراع في اتخاذ القرار الذي منح النساء حق التصويت وحقوق التربية والعمل التي أدرجت كمسودات أولى ضمن ميثاق جامعة الدول العربية في حقبة الأربعينيات. وفي حقبة السبعينات لعبت المصرية نوال السعداوي، الداعية إلى تحرر المرأة العربية، دورا بارزاً لكونها دفعت العرب إلى مناقشة مسألة الجنس باعتبارها حقلا متميزا للعنف والعلاقة السلطوية. لقد أقبل ملايين الشباب على كتبها التي منعت من التداول، وهو أمر ضاعف من الطلب عليها. ونوال السعداوي، هي التي علمتنا ممارسة سياسة «القلم الذي لا ينضب، وعلمتنا أنه كلما منعت الشرطة، كلما كان علينا أن نكتب. وإذا ما فرضت الرقابة على امرأة، فلا ينبغي عليها أن تصاب بالإحباط، وإنما يجب أن تتعبأ، وبدلا من أن تكتب خمس صفحات يومية، تستطيع أن تدبج ستا أو سبعا حتى. والهدف هو أن تدوخ الرقيب بواسطة جهد القراءة الذي يتحتم عليه أن يبذله ليبقى مطلعا على مجريات الأمور. إن الاعتقالات المتعددة التي تعرضت لها نوال السعداوي في مختلف العهود والأنظمة ، لم تثبط إطلاقا من عزيمتها. لقد منعت
مجلة نون التي تشرف عليها، منعت من الصدور، قبل اندلاع حرب الخليج ، كما أن رابطة تضامن النساء العربيات التي كانت تتولى تنشيطها، قد حلت هي الأخرى، بعد الحرب. أما مفاجأة حقبة الثمانينات، فقد جاءت من النساء السعوديات اللائي، تمكن، في حقبة السبعينات، وعلي رغم المناخ من الحصول على الشهادات الجامعية. هكذا نجد أن النسبة المئوية للنساء في هيئة التعليم الجامعي بالسعودية، قد وصلت في أعوام 1980 إلى حوالي 32 % .
ثم إن المرأة الحاصلة علي شهادة جامعية ليست امرأة أمية يمكن أن نتركها في المطابخ. إن تأثير النساء اللائي يمارسن الكتابة ، كصحفيات ومديرات للصحف وكاتبات، وبالخصوص كروائيات ومؤلفات مسرحيات، إن هذا التأثير هائل جدا. وعلي العكس مما أسمعه في أوساط الناشرين بالغرب، فإن الكتب المؤلفة من طرف النساء، والأدب النسائي عموما، تباع بشكل جيد، ومستهلكوها في غالبيتهم من الرجال. إن العالم العربي يقدر الأدب النسائي وكثير من إنتاج الروائيات العربيات يبقى سنوات في طليعة المبيعات. وهناك روائيات مثل المصرية سلوى بكر، والفلسطينية ليانة بدر واللبنانيتان غادة السمان وحنان الشيخ والشاعرة الكويتية سعاد الصباح !! والسورية حميدة نعنع ، وهن فيض من غيض. ولا شك أن الأسلوب الواضح للنساء والعرض البسيط والمباشر للجانب السيء ولما ينبغي تغييره، وغياب الغرور والادعاء، هو سبب نجاحهن، سيما وأن النقاش الدائر على أعمدة الصحافة يبقى أسيراً للمساجلات الأيديولوجية ورهينا للغات الخشب. ويجب أن ننظر إلى الجهود المضنية المبذولة من طرف القوى المحافظة ضد المرأة في نطاق إشعاعها الثقافي ضمن مجتمع كان مطمئنا إلى أن أمية النساء هي جزء من التقاليد الراسخة.
1991*
* باحثة وكاتبة أكاديمية مغربية «1940 - 2015».
مجلة نون التي تشرف عليها، منعت من الصدور، قبل اندلاع حرب الخليج ، كما أن رابطة تضامن النساء العربيات التي كانت تتولى تنشيطها، قد حلت هي الأخرى، بعد الحرب. أما مفاجأة حقبة الثمانينات، فقد جاءت من النساء السعوديات اللائي، تمكن، في حقبة السبعينات، وعلي رغم المناخ من الحصول على الشهادات الجامعية. هكذا نجد أن النسبة المئوية للنساء في هيئة التعليم الجامعي بالسعودية، قد وصلت في أعوام 1980 إلى حوالي 32 % .
ثم إن المرأة الحاصلة علي شهادة جامعية ليست امرأة أمية يمكن أن نتركها في المطابخ. إن تأثير النساء اللائي يمارسن الكتابة ، كصحفيات ومديرات للصحف وكاتبات، وبالخصوص كروائيات ومؤلفات مسرحيات، إن هذا التأثير هائل جدا. وعلي العكس مما أسمعه في أوساط الناشرين بالغرب، فإن الكتب المؤلفة من طرف النساء، والأدب النسائي عموما، تباع بشكل جيد، ومستهلكوها في غالبيتهم من الرجال. إن العالم العربي يقدر الأدب النسائي وكثير من إنتاج الروائيات العربيات يبقى سنوات في طليعة المبيعات. وهناك روائيات مثل المصرية سلوى بكر، والفلسطينية ليانة بدر واللبنانيتان غادة السمان وحنان الشيخ والشاعرة الكويتية سعاد الصباح !! والسورية حميدة نعنع ، وهن فيض من غيض. ولا شك أن الأسلوب الواضح للنساء والعرض البسيط والمباشر للجانب السيء ولما ينبغي تغييره، وغياب الغرور والادعاء، هو سبب نجاحهن، سيما وأن النقاش الدائر على أعمدة الصحافة يبقى أسيراً للمساجلات الأيديولوجية ورهينا للغات الخشب. ويجب أن ننظر إلى الجهود المضنية المبذولة من طرف القوى المحافظة ضد المرأة في نطاق إشعاعها الثقافي ضمن مجتمع كان مطمئنا إلى أن أمية النساء هي جزء من التقاليد الراسخة.
1991*
* باحثة وكاتبة أكاديمية مغربية «1940 - 2015».