فاطمة المزيني

بداية وقبل كل شيء، أقترح أن يحدد رسميًا يوم باسم (يوم المرأة السعودية) وأن يتزامن مع تاريخ إطلاق مهمة «إكس-2» في مايو المقبل، وهي المهمة التي ستضم في طاقمها أول رائدة فضاء سعودية.

تشارك السعوديتان ريانة برناوي ومريم فردوس في المهمة الفضائية في محطة الفضاء الدولية (ISS) حيث ستلتحق رائدة الفضاء ريانة برناوي بطاقم AX-2 الفضائية التي ستنطلق في الربع الثاني عام 2023 من الولايات المتحدة إلى محطة الفضاء الدولية، كما يتضمن البرنامج تدريب رائدة الفضاء مريم فردوس على جميع متطلبات المهمة.

وفضلا عن الأهمية البالغة لهذه الرحلة فإننا نجد أنفسنا أمام مشهد مليء بالرسائل القوية لأنفسنا وللعالم.

تتمثل أولى هذه الرسائل في تشكيل الفريق السعودي مناصفة بين الجنسين بلا تمييز أو أفضلية. وقد ظهر هذا المعنى جليًا في استقبال ولي العهد - حفظه الله - للفريق ومعاملتهم بشكل متساو إذ شد على أيدي الجميع وقدم لهم الدعم والتشجيع ووقف بينهم في صورة تذكارية أظهرت مدى ثقته وفخره بهم واطمئنانه إلى استعدادهم للسفر بوطنهم إلى آفاق المستقبل.

كما تحمل هذه الرحلة ملمحًا خاصًا من ملامح التمكين الحقيقي الذي تعيشه السعوديات في عصر الرؤية الوطنية المجيدة، والتي نقلت المرأة السعودية من زمن كانت تحتاج فيه إلى إذن سفر من ولي أمرها، إلى زمن تقتحم فيه أبواب الفضاء. إنها بحق نقلة نوعية كبرى جعلت السعوديات يحققن في خمس سنوات ما لم تحققه كثير من نساء العالم في عشرات السنين، ولا شك أن هذا التغيير الكبير جاء نتيجة تشكل قناعة راسخة لدى صانع الرؤية بأن أي مشروع تنموي حقيقي يجب أن يرتكز على الاستثمار في رأس المال البشري، والذي تشكل المرأة نصفه تمامًا، ومن هنا تسارعت وتيرة التحسينات في ملف المرأة بقرارات تاريخية شجاعة وحاسمة أصلحت كافة القوانين والأنظمة المعطلة وأطلقت الطاقات الذكية للنساء.

وللمقارنة فإننا لو تأملنا تاريخ النضال النسوي في العالم لوجدنا أنه من الثوابت الكلاسيكية أن يناضل الجيل الذي يؤسس للمطالب الحقوقية، وفي حال نجاح المشروع تأتي الأجيال اللاحقة لتجني الثمار في مسار بطيء يؤدي لضمور إرادة النساء واختصار قدراتهن.

أما في السعودية فقد حدثت التحولات بشكل مختلف ومتسارع وشامل للجميع تحت معيار وحيد هو الكفاءة والتفوق، ولا شك أن القيادة السعودية اتخذت في هذا الشأن قرارات حاسمة أحرقت المراحل وتجاوزت الجدليات وأحدثت تغييرا عميقا جعل السعوديات يعبرن مرحلة التمكين بسلام وينطلقن إلى عصر جديد تتجسد فيه الأحلام وتشتد فيه الأجنحة.

ختامًا.. ريانه ومريم أول المجنحات السعوديات.. نموذج مشرف لتجربتنا السعودية.

ريانة ومريم حديثنا الأول مع الكون.. وموضوع تأصيلي يستحق أن يكون عنوانًا عريضًا في قصة المرأة السعودية.