لم تعد السياحة ترفا يقتصر على بعض المجتمعات دونا عن أخرى، أو نوعًا من الخدمات الفردية التي يقدمها الشخص لنفسه أو يتلقاها من مقدمي الخدمات السياحية الآخرين؛ بل أصبحت صناعة متكاملة يعتد بها في اقتصاديات كبرى الدول، وتوضع لها ميزانيات واستراتيجيات وخطط سياحية خاصة حسب السائح المستهدف أو نوع السياحة التي تقدمها الدولة أو المدينة المعنية.
في المملكة العربية السعودية قفزت السياحة لخطوات كبيرة عما كانت عليه من قبل سواء في التوجه العام للدولة التي وضعتها ضمن أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني في رؤية 2030 من خلال تعزيز السياحة الداخلية وتنويعها حسب ما تملكه المملكة من مقومات مختلفة تخدم أنواع السياحة العالمية المتعددة كالسياحة الدينية أو التراثية أو الطبيعية أو الاستشفائية أو سياحة المؤتمرات أو السياحة البيئية وغيرها، أو التوجه الخاص للأفراد واعتبار السياحة الداخلية جزءًا من الروتين السنوي الذي تعد له الأسر برامج مختلفة حسب الإمكانات والمعطيات السابقة.
منطقة عسير كانت حتى وقت قريب تكاد تكون الوجهة السياحية الأولى للسائح الخليجي والمحلي الباحث عن الطبيعة والمناخ المناسبين في فترات ارتفاع درجات الحرارة صيفًا في بقية مناطق المملكة، ثم مع التحول العام للاهتمام بالسياحة تنوعت الوجهات والأهداف داخل المملكة سياحيًا، ولكنها – منطقة عسير- ما زالت تتصدر المشهد السياحي البيئي الذي برز بشكل خاص خلال السنتين الماضيتين أثناء الأزمة العالمية لكورونا وما فرضته من حظر للسفر حول العالم، فتحولت أنظار وتجارب كثير من المواطنين لهذه المنطقة التي شهدت توافدًا وازدحامًا بشريًا كبيرًا خلال أوقات مختلفة في السنة خاصة في مواسم الأعياد والصيف.
ولأن منطقة عسير مقبلة على تغيير شامل حسب إستراتيجية منطقة عسير التي وضعها سمو ولي العهد للمنطقة تحت مسمى «قمم وشيم»، وكذلك لإنشاء شركة السودة للتطوير التي تستهدف الاستثمار في البنية التحتية في منطقة السودة ومحافظة رجال ألمع وتطويرهما حتى تستقطب مليوني زائر محلي ودولي سنويًا بحلول عام 2030، والسودة هي مقصد السائح الأول منذ أن بدأت تجربة السياحة في المملكة والتي نشأت مع سكان المنطقة منذ ما يزيد على أربعين عامًا.
هذا الإقبال على السياحة في منطقة عسير لا يحتاج الآن للتذكير بأسبابه التي يعرفها الكثير، ولا أهميته الإستراتيجية والاقتصادية والثقافية للمنطقة بشكل خاص وللمملكة بشكل عام، بل إن أكثر ما يحتاجه هو التخطيط السياحي الفاعل والسريع لخلق سياحة مستدامة في المنطقة تحقق متطلبات جودة الحياة للسائح ولساكني المكان. مدينة أبها التي هي المنطقة الحضرية الأولى لمنطقة عسير السياحة ما زالت حتى اللحظة تفتقر لأبسط مقومات جودة السياحة التي يحتاجها السائح وأهمها البنية التحتية للمكان من طرق سالكة للاستخدام بوسائل وخيارات نقل متعددة تسهل الحركة من قلب المدينة للوجهات القريبة والمهمة كالسودة التي تعاني بدورها من صعوبة التنقل والازدحام الشديد خلال المواسم، وآخرها ما شهدته خلال موسم إجازة العيد المنتهي قبل أيام، ففي طريق الذهاب لشرب فنجان قهوة أو مشاهدة أحد المعالم داخل المدينة، يضطر الزائر لقضاء عدة ساعات في سيارته للمرور عبر شريط ضيق يربط المدينة ببعضها، وإن ذهب للمناطق الطبيعية في السودة فإن رحلة الذهاب أو العودة ستضطره أيضًا للبقاء في سيارته لفترات طويلة في مسار وحيد ومزدحم دائمًا يخدم هذه المناطق.
أما ساكن أبها أو السودة وما بينهما فإن فكرة التنقل والخروج من المنزل خلال مواسم الإجازات فيها مخاطر كبيرة من ضياع للوقت، وإعاقة للخطط والأولويات، فتصبح فكرة السياحة فكرة مزعجة للطرفين، وتأثيراتها الاقتصادية والثقافية على المكان ستأتي بنتائج سلبية وعكسية للمتوقع منها.
أزمة التنقل في منطقة عسير خلال مواسم السياحة لم تكن وليدة اليوم بعد الاهتمام بالمجال السياحي فيها، بل إنها مشكلة نراها ونعيشها نحن أبناء المنطقة منذ سنوات، وكان الأمل أن تتم معالجتها سريعًا والبدء بها قبل أي خطوة أخرى في التخطيط السياحي للمنطقة، ليس عن طريق تحويل مسارات السير لطرق أكثر ضيقًا، ولا لإغلاق بعض المداخل والمنافذ التي تؤدي لأحياء سكنية ومواقع حيوية يستخدمها سكان المنطقة بشكل يومي، بل بوضع خطة سير تستهدف البنى التحتية لطرق المنطقة، وشبكة من الجسور أو الأنفاق، وتنويع وسائل التنقل، وتوزيع عوامل الجذب السياحي من مطاعم ومقاهي ومناطق فعاليات على مختلف الجهات في المنطقة لا حصرها في مواضع محددة، وعلى شوارع رئيسة تجعل من الازدحام أمامها معيقًا أكثر لسلاسة السير.
الاهتمام بالسياحة عالميًا هو أحد أوجه الاهتمام بجودة حياة الفرد، ولكن حينما تكون السياحة سببًا في نزع أبسط معايير هذه الجودة – ومنها المواصلات- فإن أحد مقومات السياحة سينهار مهما كانت الطبيعة جاذبة، أو المقومات التراثية والثقافية متعددة. تأثير هذا الخلل يؤثر في جودة حياة السائح كما يؤثر بشكل أكبر في جودة حياة ساكن المدن والقرى التي يقصدها هذا السائح.
والمعادلة بسيطة؛ إذا وجد تخطيط سياحي متمكن، فإن جودة السياحة ومعايير جودة حياة الأفراد تزداد طردًا.
في المملكة العربية السعودية قفزت السياحة لخطوات كبيرة عما كانت عليه من قبل سواء في التوجه العام للدولة التي وضعتها ضمن أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني في رؤية 2030 من خلال تعزيز السياحة الداخلية وتنويعها حسب ما تملكه المملكة من مقومات مختلفة تخدم أنواع السياحة العالمية المتعددة كالسياحة الدينية أو التراثية أو الطبيعية أو الاستشفائية أو سياحة المؤتمرات أو السياحة البيئية وغيرها، أو التوجه الخاص للأفراد واعتبار السياحة الداخلية جزءًا من الروتين السنوي الذي تعد له الأسر برامج مختلفة حسب الإمكانات والمعطيات السابقة.
منطقة عسير كانت حتى وقت قريب تكاد تكون الوجهة السياحية الأولى للسائح الخليجي والمحلي الباحث عن الطبيعة والمناخ المناسبين في فترات ارتفاع درجات الحرارة صيفًا في بقية مناطق المملكة، ثم مع التحول العام للاهتمام بالسياحة تنوعت الوجهات والأهداف داخل المملكة سياحيًا، ولكنها – منطقة عسير- ما زالت تتصدر المشهد السياحي البيئي الذي برز بشكل خاص خلال السنتين الماضيتين أثناء الأزمة العالمية لكورونا وما فرضته من حظر للسفر حول العالم، فتحولت أنظار وتجارب كثير من المواطنين لهذه المنطقة التي شهدت توافدًا وازدحامًا بشريًا كبيرًا خلال أوقات مختلفة في السنة خاصة في مواسم الأعياد والصيف.
ولأن منطقة عسير مقبلة على تغيير شامل حسب إستراتيجية منطقة عسير التي وضعها سمو ولي العهد للمنطقة تحت مسمى «قمم وشيم»، وكذلك لإنشاء شركة السودة للتطوير التي تستهدف الاستثمار في البنية التحتية في منطقة السودة ومحافظة رجال ألمع وتطويرهما حتى تستقطب مليوني زائر محلي ودولي سنويًا بحلول عام 2030، والسودة هي مقصد السائح الأول منذ أن بدأت تجربة السياحة في المملكة والتي نشأت مع سكان المنطقة منذ ما يزيد على أربعين عامًا.
هذا الإقبال على السياحة في منطقة عسير لا يحتاج الآن للتذكير بأسبابه التي يعرفها الكثير، ولا أهميته الإستراتيجية والاقتصادية والثقافية للمنطقة بشكل خاص وللمملكة بشكل عام، بل إن أكثر ما يحتاجه هو التخطيط السياحي الفاعل والسريع لخلق سياحة مستدامة في المنطقة تحقق متطلبات جودة الحياة للسائح ولساكني المكان. مدينة أبها التي هي المنطقة الحضرية الأولى لمنطقة عسير السياحة ما زالت حتى اللحظة تفتقر لأبسط مقومات جودة السياحة التي يحتاجها السائح وأهمها البنية التحتية للمكان من طرق سالكة للاستخدام بوسائل وخيارات نقل متعددة تسهل الحركة من قلب المدينة للوجهات القريبة والمهمة كالسودة التي تعاني بدورها من صعوبة التنقل والازدحام الشديد خلال المواسم، وآخرها ما شهدته خلال موسم إجازة العيد المنتهي قبل أيام، ففي طريق الذهاب لشرب فنجان قهوة أو مشاهدة أحد المعالم داخل المدينة، يضطر الزائر لقضاء عدة ساعات في سيارته للمرور عبر شريط ضيق يربط المدينة ببعضها، وإن ذهب للمناطق الطبيعية في السودة فإن رحلة الذهاب أو العودة ستضطره أيضًا للبقاء في سيارته لفترات طويلة في مسار وحيد ومزدحم دائمًا يخدم هذه المناطق.
أما ساكن أبها أو السودة وما بينهما فإن فكرة التنقل والخروج من المنزل خلال مواسم الإجازات فيها مخاطر كبيرة من ضياع للوقت، وإعاقة للخطط والأولويات، فتصبح فكرة السياحة فكرة مزعجة للطرفين، وتأثيراتها الاقتصادية والثقافية على المكان ستأتي بنتائج سلبية وعكسية للمتوقع منها.
أزمة التنقل في منطقة عسير خلال مواسم السياحة لم تكن وليدة اليوم بعد الاهتمام بالمجال السياحي فيها، بل إنها مشكلة نراها ونعيشها نحن أبناء المنطقة منذ سنوات، وكان الأمل أن تتم معالجتها سريعًا والبدء بها قبل أي خطوة أخرى في التخطيط السياحي للمنطقة، ليس عن طريق تحويل مسارات السير لطرق أكثر ضيقًا، ولا لإغلاق بعض المداخل والمنافذ التي تؤدي لأحياء سكنية ومواقع حيوية يستخدمها سكان المنطقة بشكل يومي، بل بوضع خطة سير تستهدف البنى التحتية لطرق المنطقة، وشبكة من الجسور أو الأنفاق، وتنويع وسائل التنقل، وتوزيع عوامل الجذب السياحي من مطاعم ومقاهي ومناطق فعاليات على مختلف الجهات في المنطقة لا حصرها في مواضع محددة، وعلى شوارع رئيسة تجعل من الازدحام أمامها معيقًا أكثر لسلاسة السير.
الاهتمام بالسياحة عالميًا هو أحد أوجه الاهتمام بجودة حياة الفرد، ولكن حينما تكون السياحة سببًا في نزع أبسط معايير هذه الجودة – ومنها المواصلات- فإن أحد مقومات السياحة سينهار مهما كانت الطبيعة جاذبة، أو المقومات التراثية والثقافية متعددة. تأثير هذا الخلل يؤثر في جودة حياة السائح كما يؤثر بشكل أكبر في جودة حياة ساكن المدن والقرى التي يقصدها هذا السائح.
والمعادلة بسيطة؛ إذا وجد تخطيط سياحي متمكن، فإن جودة السياحة ومعايير جودة حياة الأفراد تزداد طردًا.