أرى أن الفرق بين صحافتنا بالأمس، واليوم، هو ذات الفرق بين الصورة العامة لمجتمعنا في الماضي، والحاضر.. وفي خلال عشر سنوات لم يكن من اليسير تصور انقلاب كهذا.. ومن حالة تشبه الزحف إلى حالة تدخل مرحلة الانطلاق.
تكامل عمران المدن، وامتدادها، وتكدس منتجات الحضارة وشيوعها، وتكاثر وسائل النقل والمواصلات، وبروز معالم الحياة، وامتلاء الحياة بها، والقلق، والتململ، والصراع، تعبير عن توهج الرغبة في التخلص من آثار الشعور بالتخلف والإقبال الملتهب على أي منفذ من منافذ الحياة، كالإذاعة، والصحافة، والنشر. نعم، وتقدمت الصحافة، أو وثبت في جرأة، فبرزت الجرائد يومية، وأسبوعية، والمجلات.. وأحبست الأنفاس إشفاقا.. ولكن لم يكن هناك فراغ.. وتطور الشكل.. والصور، واتزنت الخطا.. وكان من العجب أن يتم كل هذا، وأن تظهر أقلام وأساليب وألوان، تقود، وتؤثر كأمثلة تحتذى، ويخطر لي الآن أن أسأل.. لماذا وقف هذا المد القوي دون مداه من منافسة الصحافة الغربية؟.
ولماذا لا يتسع مجاله ليحدد معالم شخصيتنا؟، وليكون له دور في تكوين الرأي، والوسيلة في فهم ذاتنا، والدفاع عنها ضد الضياع في سكون؟.
آثارنا الجديدة والرعيل الأول
كثيرا ما يسألني بعضهم عما طرأ على إنتاجنا الأدبي من تغيير في السنوات الأخيرة، وعن موقف الرعيل الأول من أدبائنا من مسايرة الحياة، كما هي اليوم.
وأقول لهم: إنني منذ أصبحت أميا، لا أقرأ، ولا أكتب إلا بالواسطة، لم أقرأ من آثار أدبائنا شيئاً يمكنني من الحكم على مدى التغيير أو التطور الذي حققته الآثار الجديدة، ولكني أعتقد أننا سنستقبل مجالا أرحب، يمتلئ بآثار الجامعيين والمثقفين والمتخصصين، نبدأ به حياة غنية، محسودة، مرحلة انتقال طال علينا أوان ارتقابها.
ولم يزل للرعيل الأول ـ أعني من بقي منه ـ نشاطه البارز والمستمر على ما أعتقد.. وأنا لست منهم، ولكني على التحديد من الرعيل الثالث.. ومعظم أفراده باستثنائي، بخير.. وإذا التزمت الحقيقة فأنا لا أعرف أدباء، يصح أن يقال عنهم أنهم استهلكوا، ولكن تغيرت مجالات نشاطهم.. ليس هذا دفاعا ضمنيا عن نفسي.
فأنا في حالة استهلاك منذ ربع قرن، وإذا عملت، فأنا أعمل مكرها، بعامل فقدان الطاقة، أو على الأقل بعامل الشعور الراسخ بفقدانها.. بقي دور الشباب.. رعيل اليوم وهو طاقة تعد بالكثير الرائع.. ولكني لا أجد رسوخ الأقدام، ولا التألق، والوهج التي كانت ميسم الشباب القديم المنطوي.
ولا يمكن أن أتهم إدراكي وفطنتي بقيمة الأثر الأدبي في أي شكل من أشكاله.. الحذق في أسرار الصناعة، والفن دعامته الأولى.. إنني أعني شعراء الشباب أكثر مما أعني كتّابه.. فالكاتب أقل تعرضا للعثار من الشاعر.
إنني أهتف للشباب مرتقبا بكل شوق، رايات تفوقهم الخفاقة.
* 1980
تكامل عمران المدن، وامتدادها، وتكدس منتجات الحضارة وشيوعها، وتكاثر وسائل النقل والمواصلات، وبروز معالم الحياة، وامتلاء الحياة بها، والقلق، والتململ، والصراع، تعبير عن توهج الرغبة في التخلص من آثار الشعور بالتخلف والإقبال الملتهب على أي منفذ من منافذ الحياة، كالإذاعة، والصحافة، والنشر. نعم، وتقدمت الصحافة، أو وثبت في جرأة، فبرزت الجرائد يومية، وأسبوعية، والمجلات.. وأحبست الأنفاس إشفاقا.. ولكن لم يكن هناك فراغ.. وتطور الشكل.. والصور، واتزنت الخطا.. وكان من العجب أن يتم كل هذا، وأن تظهر أقلام وأساليب وألوان، تقود، وتؤثر كأمثلة تحتذى، ويخطر لي الآن أن أسأل.. لماذا وقف هذا المد القوي دون مداه من منافسة الصحافة الغربية؟.
ولماذا لا يتسع مجاله ليحدد معالم شخصيتنا؟، وليكون له دور في تكوين الرأي، والوسيلة في فهم ذاتنا، والدفاع عنها ضد الضياع في سكون؟.
آثارنا الجديدة والرعيل الأول
كثيرا ما يسألني بعضهم عما طرأ على إنتاجنا الأدبي من تغيير في السنوات الأخيرة، وعن موقف الرعيل الأول من أدبائنا من مسايرة الحياة، كما هي اليوم.
وأقول لهم: إنني منذ أصبحت أميا، لا أقرأ، ولا أكتب إلا بالواسطة، لم أقرأ من آثار أدبائنا شيئاً يمكنني من الحكم على مدى التغيير أو التطور الذي حققته الآثار الجديدة، ولكني أعتقد أننا سنستقبل مجالا أرحب، يمتلئ بآثار الجامعيين والمثقفين والمتخصصين، نبدأ به حياة غنية، محسودة، مرحلة انتقال طال علينا أوان ارتقابها.
ولم يزل للرعيل الأول ـ أعني من بقي منه ـ نشاطه البارز والمستمر على ما أعتقد.. وأنا لست منهم، ولكني على التحديد من الرعيل الثالث.. ومعظم أفراده باستثنائي، بخير.. وإذا التزمت الحقيقة فأنا لا أعرف أدباء، يصح أن يقال عنهم أنهم استهلكوا، ولكن تغيرت مجالات نشاطهم.. ليس هذا دفاعا ضمنيا عن نفسي.
فأنا في حالة استهلاك منذ ربع قرن، وإذا عملت، فأنا أعمل مكرها، بعامل فقدان الطاقة، أو على الأقل بعامل الشعور الراسخ بفقدانها.. بقي دور الشباب.. رعيل اليوم وهو طاقة تعد بالكثير الرائع.. ولكني لا أجد رسوخ الأقدام، ولا التألق، والوهج التي كانت ميسم الشباب القديم المنطوي.
ولا يمكن أن أتهم إدراكي وفطنتي بقيمة الأثر الأدبي في أي شكل من أشكاله.. الحذق في أسرار الصناعة، والفن دعامته الأولى.. إنني أعني شعراء الشباب أكثر مما أعني كتّابه.. فالكاتب أقل تعرضا للعثار من الشاعر.
إنني أهتف للشباب مرتقبا بكل شوق، رايات تفوقهم الخفاقة.
* 1980